الجمعة-04 أكتوبر - 12:26 م-مدينة عدن

ٱراء واتجاهات


بين رحى العربية واليهودية والفارسية.

الخميس - 03 أكتوبر 2024 - الساعة 09:55 م

الكاتب: د . أنور الرشيد - ارشيف الكاتب




لا ينكر أحد...
بغض النظر عن أي أمر آخر بأن هناك ثأرًا تاريخيًّا أحدثه أسلافنا بينهم وبين القومية الفارسية والأقلية اليهودية العربية؛ أي اليهود العرب الذين كانوا يعيشون بيننا حتى قبل نصف قرن تقريبًا، وبعضهم لا زال يعيش بيننا، هذا الثأر الذي نشأ على خلفية عقائدية توارثتها أجيال ووثقوها عبر نصوص دينية أصبحت ملزمة لكل طرف من هذه الأطراف الثلاثة التي تتقاسم تاريخًا واحدًا، جرت خلاله حروب طاحنة وإبادات جماعية على مر التاريخ، ورغم كل التطور التاريخي الذي حدث خلال القرن الماضي وحتى الساعة لم يستطع العقل البشري أن يوظف ذلك التطور، ليس للسيطرة والتحكم بمجريات الأمور ليتم تدارك تكرار بحور الدماء ووقف نزيفها لا بل هناك من يسعى لاستمرارها.

نعم صحيح هناك ظلم ارتكبه الجميع مع بعضهم البعض، وهناك ثأرات تاريخية وهناك مجازر ارتكبها بعضهم ببعض!، ولا تزال تلك المحاور مستمرة حتى الساعة، ولكن ألم يأن أوان فتح صفحة هذا الجرح التاريخي الدامي لوضع حد لنزيف الدم بينهما؟
لماذا يُصر كل طرف على إذاء الطرف الآخر؟، ألم تصل البشرية اليوم لمرحلة من التحضر لكي تسوي خلافاتها وفق منظور لا خاسر ولا رابح، وإنما الجميع رابح في المحبة والسلام والوئام؟، لماذا تبث في الأجيال الكراهية فيما بينهم؟، لماذا نورث أجيالنا الكراهية بدلًا من المحبة والسلام؟.

أنا لا أدعو للتنازل عن الحقوق كما سيفسّره البعض ولكني أدعو لتفعيل دور العقل لحل نزاعات تاريخية ليس لأجيال اليوم دور بها، بل زرعتها أجيال الأمس وزينتها بغلاف ديني لإضفاء شرعية مقدسة عليها، لتستمر مآسي هذه الأمم بطحن بعضها البعض بين رحى قومية ثلاثية الأبعاد عربية ويهودية وفارسية.

آخر المطاف...
حتى القومية المسيحية التي تتبنى إنجيل لوقا (6:29) "مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا." ومع ذلك لم تسلم تلك القومية من أذى الرحى الثلاثية!