الثلاثاء-22 أكتوبر - 08:54 ص-مدينة عدن

ٱراء واتجاهات


المرحلة في غاية الخطورة وتحتاج لحكماء.

السبت - 19 أكتوبر 2024 - الساعة 09:36 م

الكاتب: د . أنور الرشيد - ارشيف الكاتب




لاشك بأن المنطقة تمر بمنعطف تاريخي حقيقي ليس مجازيًّا على مستوى منطقتنا والعالم بأسره يمر بهذا المنعطف، أرجو وأتمنى أن يخرج به العالم بأقل الخسائر إن كان على الصعيد الدولي أو المحلي للمجتمعات.

مع الأسف هناك من يعتقد بأنه بمنأى عن شظايا التغيرات التي تحدث في العالم، وهناك من يعتقد بأن هذه التغيرات لن تسمح له في الاستمرار بما هو عليه، وكلا الرأيين في لحظة تاريخية ودون سابق إنذار سيصطدمان بعمق التغيرات التي تجري، وتؤسس لتاريخ جديد لا مكان فيه لمن يقف بوجه عواصف التغيرات التي طرأت على البشرية، والحصيف منهم من يستعد لهذه التغيرات ويتكيف معها لا أن يقف بوجهها بالذات لوضعه الداخلي أو كما تقول الجبهة الداخلية التي يجب بل يفترض أن تكون جبهة قوية متماسكة.

أتذكر خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر خرج بخطاب يطالب به بالتمسك بالوحدة الوطنية، وتعجبت من ذلك في حينها وقلت هل من المعقول بلد عظيم وكبير وتاريخ عريق لعمل المؤسسات يطالب رئيسه الشعب التمسك بالوحدة الوطنية! بعدها فهمت المغزى من ذلك بأن الدول أو المجتمعات التي اعتادت على الديمقراطية وحُرية الرأي بها تحتاج لذلك النوع من الخطابات أكثر من الدول والمجتمعات التي لم تعتد على الديمقراطية ولا الحرية؛ لأن الفرق فيما بينهما أن في الدول والمجتمعات الديمقراطية الكل يدلي برأيه في الأحداث العالم والجاهل بينما في الدول والمجتمعات غير الديمقراطية ولا تعترف بحرية الفرد فهي ليس بحاجة لتذكير مواطنيها التمسك بوحدتهم الوطنية لأنها مجتمعات اعتادت على الصمت وتطبيق نظرية دع الخلق للخالق، وضعها برأس عالم واطلع منها سالم، حتى يتضخم القهر والكبت ويتفجر بلحظة تاريخية لم يتم حسبان نتائجها ولا توقعها؛ لما يعتقده البعض بأن مثل تلك الأساليب بإدارة المجتمعات ستجلب له الرخاء، وإن كان يجلب له الرخاء اليوم فالمؤكد سينهار في الغد لسبب بسيط جدًّا وهو جبهته الداخلية لم تقم على أسس سليمة قوية، بل هي على شفا جرف هارٍ.

ما أود أن أطرحه في هذا الملف أن التغيرات التي تحدث على مستوى العالم التي نرى ونشاهد تحالفات تتفكك وتحالفات جديدة تنشأ، من الحكمة بمكان أن لا ضمان ولا أمن ولا استقرار للمجتمعات إلا بتقوية جبهتها الداخلية لتشكل حائط صد لتلك المتغيرات التي تعصف في العالم، وهذا التحصين لا يأتي إلا من خلال الحرية.

من أنجح تجارب المجتمعات التي نجحت في صد تلك التغيرات المجتمع السويسري الذي نجح بتجاوز حربين عالميتين رغم أن موقعه في وسط أرض معارك الحيتان، ومجتمع مكون من أربع كنتونات، ولكل كنتون له خصوصيته حتى في اللغة، ورغم ذلك نجح المجتمع في تجاوز تلك المتغيرات بفضل حكمة حكومته بالتعامل مع تلك المتغيرات بالحرية.

فهل يستفيد عالمنا العربي من التجربة السويسرية التي كان عماد نجاتها من حربين عالميتين هما الديمقراطية والحرية؟