الجمعة-14 مارس - 12:38 ص-مدينة عدن

ٱراء واتجاهات


ليس ذنب الخليجيين، الفرق بين العنتريات والعقلانيات

الجمعة - 24 يناير 2025 - الساعة 08:00 م

الكاتب: د . أنور الرشيد - ارشيف الكاتب




ما سأذكره في الحقيقة قد يثير البعض ويستفزهم بالذات التابعين للأجهزة الذين يسمونهم بالذباب بينما المواطن العربي العادي سيتفق معي بكل تأكيد.

ما مرت به منطقتنا خلال المائة عام الماضية لم تمر بها من قبل طوال تاريخها سواء على مستوى النهضة الفكرية أم السياسية وحتى التعليمية والصحية وغيرها من قفزات هائلة نقلت مجتمعاتها من مرحلة لمرحلة أخرى بتاتا.

قد يعزو البعض ذلك التطور لظهور النفط الذي أغنى المنطقة لدرجة من كان يعيش في فاقة الفقر اليوم يعيش بحالة الغنى الفاحش ومن كان في غنى فاحش يعيش اليوم في فقر مدقع .

في بدايات المائة عام الماضية كانت مجتمعات المنطقة متطورة جدا عن مجتمعات دول الخليج التي كانت العوائل الميسورة منها تعيش في بيوت من طين بأحسن الأحوال ولا يزال البعض منها موجود كتراث أما البقية فيعيشون بعشش حتى وقت قريب جدا حتى أني أذكر عندما اشتغلت في مجلس الوزراء كان هناك ملف دائم التداول اسمه ملف عشيش صليبيبة، وهي منطقة من مناطق الكويت بينما كان هناك من يسكن في القصور تحيطها البساتين والفواكه وكل ما لذ وطاب في المجتمعات المحيطة.

الفرق بين مجتمعاتنا الخليجية وبين بقية مجتمعات المنطقة أن مجتمعاتنا الخليجية أنظمتها استثمرت ثرواتها بتطوير مجتمعاتها نقلتها من مجتمعات البداوة وأنا شخصيا أفتخر بذلك لمجتمعات أقل مستوى تعليمي بكالوريا أو دبلومة لإلزامية التعليم أولا ولحرص الأنظمة الخليجية على تطوير ذاتها بذاتها، وانتقلت من مجتمعات تتعالج بالطب القديم لعدم وجود أطباء لوجود فائض من الأطباء، من عدم وجود خريج جامعة لبطالة من الجامعيين.

ما أود أن أقوله بأن المجتمعات الخليجية اليوم تعيش برغد العيش -والحمد لله- نتيجة لسياسات أنظمتها (نختلف أو نتفق معها ليس هذا المهم) بينما مع الأسف المجتمعات المحيطة دمرتها الانقلابات وأفقرتها وسرقت ثرواتها بينما تمتلك مقومات الثراء أكثر من دول الخليج مجتمعة، وأقرب مثال على ذلك دولة الجنوب العربي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا (لا شعبها شاف ديمقراطية ولا حرية ولاتمتع بثرواته) التي كانت -لاحظوا كانت- منارة من منارات شبه الجزيرة العربية تمتلك مقومات لا تمتلكها أي دولة خليجية ففيها مناجم ذهب وبترول وغاز أكثر من دول الخليج، وسواحل ممتدة على أكثر من ألفيْ كيلو، وموقع إستراتيجي يربط بين الشرق الغرب وتاريخ عريق وحضارة امتدت من الشرق للغرب، ومع ذلك اليوم مجتمعهم يعيش بفقر مدقع وبلا كهرباء، وبلا ماء، وبلا دواء بعدما كانت من الدول القليلة في العالم التي قضت على الأمية اليوم الأكثرية فيها أمية كل ذلك سببه عنتريات وانقلابات أثبتت فشلها وغيرها من مجتمعات كانت تقول لي إحداهن بأن عتبت بيتهم أقدم من دولتي وكلامها صحيح ولكن من ينظر للواقع يرى الفرق بين الثرى والثريا اليوم.

وأخيراً أقولها بكل صراحة ووضوح هذه الأمة بلاؤها منها وفيها لذلك توصلت لقناعة أخيرا بأن الخلل بهذه الأمة جيني، وإن لم يتم معالجته جينيًّا ستستمر بتكرار مآسيها وأزماتها؛ لذلك ليس ذنبنا نحن الخليجيين بما تمر به المجتمعات المحيطة وإنما ذنب جيناتهم التي تكرر تجاربها دون تغيير معاييرها، وهنا يكمن الفرق بين العنتريات والعقلانيات.