حالة من الكر والفر تشهدها بعض البلدات الحدودية في الجنوب اللبناني، حيث يتوغل الجيش الإسرائيلي في عدد من القرى ثم يتراجع قليلا، ويوجه ضربات لمواقع تابعة لحزب الله.
كما يفجر العشرات من المنازل في البلدات على الحدود بما يشي إلى نيّته إنشاء منطقة عازلة خالية من السكان، وهي استراتيجية سبق أن طبّقها بالفعل على طول حدودها مع غزة.
دمار 36 قرية حدودية
فقد أظهرت صور الأقمار الاصطناعية اتّساع نطاق الدمار عبر ما يقارب 36 بلدة لبنانية.
في وقت بينت فيديوهات عدة نشرها الجيش الاسرائيلي تفجير انفاق للحزب ومصادرة كميات من الذخيرة.
توغّل بمعمق 5 كيلومتراً
وفي قراءة لخريطة التوغّل البرّي الإسرائيلي وأهدافه، أوضح مصدر أمني لـ"العربية.نت والحدث.نت" "أن الجيش الاسرائيلي نفّذ عمليات برّية بعمق يتراوح بين 1 و5 كيلومتراً جنوب نهر الليطاني".
كما أشر إلى "أن الهدف من عمليات التوغّل هذه الوصول إلى مسافة بين 5 و7 كيلومترات (تحديداً قرب مناطق مثل حاريص حناويه وصديقين) وذلك لمنع عمليات إطلاق الصواريخ من قواعد متحرّكة بعدما تم القضاء على القواعد الثابتة".
وتفصل بين القرى التي تبعد بين 7 و10 كيلومترات عن الحدود، والقرى المتاخمة للحدود عوائق طبيعية مثل وادي الحجير الذي يقسم المنطقة الممتدة من القطاع الشرقي إلى الأوسط إلى قسمين.
تفجير الانفاق ومصادرة الأسلحة
إلى ذلك، المصدر الأمني "إن الهدف من العمليات الاسرائيلية البرّية كما يظهر، تفجير الأنفاق ومصادرة الأسلحة التابعة لحزب الله، وبالتالي القضاء على أي تواجد لمسلّحي الحزب، وعندما يُنجز ذلك في أي منطقة حدودية، ينسحب منها الجنود".
في الوقت عينه، لم يستبعد المصدر "ان يكون الهدف من العمليات البرّية التمهيد لاجتياح برّي واسع في قت لاحق"
لكنه رأى أن "هذا الأمر يبقى مستبعداً، لأن كلفته ستكون عالية جداً على الجيش الاسرائيلي".
أما عن استكرار انلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني، فلفت إلى أن عددها تراجع إلى حد ما، موضحا أنها باتت تُطلق من قواعد متحرّكة (افراد، مركبات) وليس من قواعد ثابتة كما كان يحصل سابقاً" (في إشارة الى تدمير لقواعد الصواريخ الثابتة في الجنوب).
تهجير السكان
وفي السياق، اعتبر الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية العميد الركن المتقاعد جان جبّور "ان الاهداف العسكرية لاسرائيل في الجنوب تتلخّص بامرين: تهجير السكان لمسافة 3 و5 كلم عن الحدود وان تكون منطقة عازلة تماماً كالسيناريو الذي اعتمدته في غزة، لذلك يعمد الجيش الاسرائيلي الى تفجير القرى اللبنانية الحدودية ليمنع عودة سكانها اليها".
كما أشار الى "ان الجيش الاسرائيلي احتلّ حوالي 66 كيلومتراً مربّعاً من الاراضي اللبنانية، وهي أراضي متاخمة للحدود بدءاً من اللبونة غرباً الى الظهيرة ويارين وعيتا الشعب ويارون في الوسط الى محيبيب وميس الجبل وحولا والعديسة وكفركلا شرقاً، وحاول اخيراً التقدّم الى الخيام، لكنه توقف عند حافتها الجنوبية."
ضرب طرق تموين حزب الله
إلى ذلك، أوضح "ان اسرائيل تعمل وفق ثلاث مسارات: اغتيال قيادات حزب الله، تدمير مخازن الذخيرة وضرب طرق التموين، منفذة عملياتها هذه اعتباراً من ايران عبر العراق وفي سوريا ولبنان".
ولم يستبعد "ان تغزو الجنوب بعدة فرق (كما استخدمت أربع فرق في غزة، حيث تتطلب التضاريس الكثيفة قوة بشرية واسعة النطاق)، لإجبار مقاتلي حزب الله على الانتقال إلى الجانب الاخر من نهر الليطاني".
وأضاف قائلا "إذا نجحت في إزالة قوات حزب الله، فستراقب المنطقة وتنفذ ضربات مكثفة إذا لزم الامر لمنع أي عودة للحزب".
عمليات إنزال بحري
كما لم يستبعد "ان تلجأ القوات البحرية الاسرائيلية الى إجراء عمليات كبرى داخل وخارج الساحل اللبناني، وتنفيذ عمليات إنزال برمائية في الجنوب بالمستقبل القريب، دعماً للهجوم البري المحتمل". واشار الى "ان الجيش الاسرائيلي وبعد اكثر من من شهر على بدء العملية العسكرية جنوب لبنان، لم يزجّ بقواته المدرّعة، بل استخدم قوات المشاة ووحداته المجوقلة والمغاوير".
عزل جنوب الليطاني
وتابع موضحا أن "فرقه المنتشرة مقابل لبنان تتألف من 4 الوية دبابات بما يعادل 600 دبابة، نصفهم في القطاع الغربي باتجاه مدينة صور. وقد تقوم اسرائيل بالتقدم الى حدود نهر الليطاني باستعمال الفرق المتواجدة حالياً مع دفع فرق مدرعة أخرى تؤلفها من الاحتياط ومع ابرار بين مدينتي صور وصيدا دعماً لعملية الغزو مع عدة انزالات بواسطة القوات المجوقلة خلف الخطوط الدفاعية للحزب، وذلك بغية الوصول الى مقطع حاصبيا- كوكبا ومرجعيون- دير ميماس شرقاً والوصول الى القاسمية غرباً لعزل جنوب الليطاني عن لبنان".
يأتي هذا فيما تتواصل المواجهات العسكرية على اكثر من محور جنوب لبنان بالتزامن مع استمرار الجيش الاسرائيلي بسياسة تفخيخ المنازل في القرى الحدودية.
بينما فاق عدد قتلى الحرب الـ 3000، وتخطّى عدد الجرحى الثلاثة عشرة الفاً، من دون أن تلوح في الافق الدبلوماسي اي بوادر حلّ لوقف اطلاق النار.