نوفمبر حضرمي..!!
الأحد - 01 ديسمبر 2024 - الساعة 11:21 م بتوقيت العاصمة عدن
حضرموت "عدن سيتي"صايل حسن بن رباع
في زمن تُخلّد فيه الشعوب أمجاد الاستقلال والتحرر، يعيد الجنوبيون كل عام تمجيد ذكرى رحيل الاستعمار البريطاني، بينما تئن واقعيتهم السياسية والاجتماعية تحت وطأة تناقضات التاريخ ومآلاته، لقد انتقلوا من أرستقراطية "توماس هوبز" إلى جمهورية "عبدالناصر".
ثم وُرّطوا في أحلام اشتراكية "ماركس"، ليصبحوا بعد ذلك أسرى لصوصية "صالح"، قبل أن تنقلهم السنين وقد "هرموا"، إلى مستنقع صراع ثوار "الخميني" وإرهاب "بن لادن" وتأتيهم وعود الخلاص عبر "تحالف دعم الشرعية" و"إستعادة الدولة الجنوبية" و "حضرموت بقشان".
في هذا المشهد المرتبك، حيث المشاريع تتزاحم، والثقة في التحرر تتحول إلى ظل هش، تستمر المواجهة بين حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع من جهة، والسلطات اليمنية من جهة أخرى، الحلف، في حراك يبدو أشبه برقصة على حد السيف، يلوّح بخيار الحكم الذاتي ويواصل منع تصدير النفط والمحروقات إلا بشروطه.
أما السلطات، في رد فعل لم يخرج عن المألوف، تصدر أوامر اعتقال ضد أفراد القبائل الذين يعترضون قوافل النفط المغادرة بلا أي عائد يلمسه سكان المحافظة، وكأن المشهد لم يكتمل، خرج الحلف والمؤتمر ببيان أشبه بصوت الصرخة في الوادي، يعلن رفضه الاعتراف بمجلس القيادة الرئاسي ويهدد بالتصعيد.
لكن الطرف الآخر لم يتأخر عن الرد، معلناً أن اعتراض القوافل النفطية لا يعدو كونه عملاً خارجاً عن القانون، في لعبة شد الحبل التي تبدو أقرب إلى وصفة مثالية لفتنة داخلية في بلد أنهكته الحروب الأهلية لعقد من الزمن.
ورغم خطورة المرحلة، يعاني حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع من هشاشة واضحة في قدراتهما القيادية، فالكوادر المؤهلة غائبة أو مشغولة برحلات "مؤتمرات بلا طائل"، بينما نرى القرارات الأحادية قد دفعت العديد من القيادات الفاعلة بعيداً عن المشهد، تاركة فراغاً في لحظة مصيرية.
كنت قد اقترحتُ في يوم قرار النائب العام إصدار بيان يوجه الرأي العام المحلي والدولي، وإرسال مراسلات للمبعوث الأممي والأمريكي لليمن، ولجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن، والدول المعنية بالشأن اليمني. هذا البيان كان ليشرح واقع حضرموت، تلك المحافظة الغنية المهملة، ويبرز كيف تعاملت السلطات مع الاعتصامات السلمية بمزيد من الإقصاء والتهميش.
أما الوثائق والخطط التي تهدف لرسم خارطة طريق لمستقبل حضرموت، فهي للأسف لا تزال تراكم الغبار في أدراجٍ يبدو أن أصحابها أكثر براعة في تجاهل الواقع منها في التعامل معه. ومع ذلك، يبقى الأمل قائماً بأن تتحول هذه الخطط من رؤى مهدورة إلى أدوات فعالة في تصحيح المسار.
الرسالة واضحة: على قيادة الحلف والجامع أن تتخلى عن التفرد، وأن تسعى لاحتضان كل فئات المجتمع الحضرمي في عمل جماعي يليق بمستقبل المنطقة، أما السلطات، فعليها أن تدرك أن التصعيد والقمع في مواجهة مطالب مشروعة لا يعدو كونه مغامرة خاسرة في بلد هش كاليمن.
والمؤسسة القضائية، التي أخفقت في معالجة الفساد وإيقاف الانقلاب أو الإرهاب، لن تنجح أيضاً في كسر إرادة حضرموت التي تسعى للخروج من هذا التيه السياسي والاجتماعي.. نوفمبر مجيد.. وكل عام وأنتم بخير.