الأربعاء-08 يناير - 08:44 ص-مدينة عدن

هل أخطأنا بحق الرئيس "هادي"؟

الثلاثاء - 07 يناير 2025 - الساعة 02:17 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن " عدن سيتي " صالح ابو غوذل





هل أخطأنا بحق الرئيس "هادي"؟

الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي قاد اليمن في أصعب المراحل وأشدها تعقيدًا، اختار تسليم السلطة والبلد دون أن تُسفك قطرة دم واحدة. لم نسمع عن سجون سرية في عهده، ولم يتحول الصراع السياسي إلى تصفية دموية بين الأطراف. كان الرئيس هادي يتعامل مع الجميع بعقلية الأب الحريص على لملمة شتات أبنائه، حتى مع خصومه.

اليوم، ونحن نتابع المشهد السياسي الراهن، نجد أن مجلس القيادة الرئاسي الذي خلفه، بقيادة رشاد العليمي، بات يتحدث عن محاربة الفساد. لكن المعضلة الحقيقية أن هذه القضية المصيرية تحولت إلى ورقة ابتزاز وصراع بين أطراف المجلس.

الفساد الذي كان يجب أن يكون ملفًا وطنيًا يُفتح بشفافية لمحاربة هذه الآفة، أصبح سلاحًا في أيدي القوى المتصارعة. كل طرف يستخدم ما لديه من ملفات لابتزاز الآخر أو للتخلص من خصومه. والأسوأ، أن السفير السعودي، الذي يُفترض أن يكون داعمًا لسيادة اليمن واستقراره، أصبح يستخدم ورقة الفساد للضغط على كل من يرفض سياساته أو يعترض على قراراته.

أي سيادة يمكن الحديث عنها عندما تتحكم سفارة دولة أجنبية في قرارات مجلس القيادة الرئاسي؟ أين مكافحة الفساد عندما يتم انتقاء الملفات حسب المصالح السياسية؟ لو كانت هناك جدية في محاربة الفساد، لكان أول ملف يُفتح هو الأموال الطائلة التي أُنفقت تحت عنوان "إعادة إعمار اليمن".

خذوا على سبيل المثال مدينة عدن، التي يُفترض أنها عاصمة البلاد. تقارير برنامج "إعادة إعمار اليمن" تتحدث عن مليارات الدولارات أُنفقت لإعادة ترميم المنازل المتضررة من الحرب. لكن الواقع مختلف تمامًا؛ المدينة لا تزال مدمرة، وآثار تلك المشاريع المزعومة غير مرئية.

أحد الأمثلة الصارخة هو الإعلان عن مشروع إعادة تأهيل 600 منزل متضرر في عدن بتكلفة 2.5 مليون دولار. ولكن عندما تسير في شوارع عدن، ستدرك أن شيئًا لم يتغير، وأن المدينة، بكل معاناتها، لا تزال تنتظر الإعمار الحقيقي.

في ظل هذه الانتقائية في مكافحة الفساد، وغياب الإرادة الحقيقية لإعادة الإعمار، نجد أنفسنا نتساءل: هل كان عبدربه منصور هادي، بكل ما تحمل فترته من تحديات، أكثر صدقًا مع شعبه وأقل انخراطًا في هذه اللعبة القذرة؟ وهل أخطأنا في الحكم عليه؟

ربما آن الأوان لإعادة قراءة حقبته بتجرد وعدالة. ففي زمن السقوط الأخلاقي والسياسي، يصبح من لم يُلوث يديه بدماء شعبه، ولم يفتح أبواب السجون لخصومه، نموذجًا يستحق الإنصاف.

#صالح_أبوعوذل

متعلقات