الجمعة-10 يناير - 07:25 ص-مدينة عدن

العقوبات الأمريكية: مكافأة لمشعلي الحرب ودعم للإرهاب العالمي

الخميس - 09 يناير 2025 - الساعة 10:52 م بتوقيت العاصمة عدن

السودان "عدن سيتي" حذيفة أبو نوبة




الولايات المتحدة الأمريكية تُخالف مرةً أخرى مبادئ الحرية والسلام والعدالة التي تدّعي حمايتها، وتكشف ازدواجية معاييرها في التعاطي مع القيم التي طالما قدّمت نفسها كحاملةٍ للواءها. ففي الوقت الذي تُطلق فيه شعاراتٍ رنانة عن الديمقراطية وصيانة حقوق الإنسان، تُصدر عقوباتٍ غير مسؤولة بحق من يقفون بشجاعة إلى جانب شعوبهم، مدافعين عن مبادئ العدل والمساواة والحرية، ومضحين بالغالي والنفيس من أجل بناء دولة تقوم على هذه القيم السامية.

لقد كان الأجدر بالولايات المتحدة أن تُوجه عقوباتها ضد من أشعل الحرب وقطع الطريق أمام ثورة الشعب نحو التحول الديمقراطي، وضد أولئك الذين يرفضون كل المبادرات الإقليمية والدولية للتفاوض وإيقاف الحرب. لكن، بدلًا من ذلك، اختارت واشنطن الانحياز إلى قوى الظلام التي تُغذي الفوضى والإرهاب، متجاهلةً معاناة السودانيين وتطلعاتهم نحو السلام والعدالة.

لقد أوضح قائد قوات الدعم السريع بجلاءٍ طبيعة هذه الحرب، وكشف عن الجهات التي أشعلت فتيلها وموّلتها، وفي مقدمتها قوى الإسلام السياسي التي ما زالت تعبث بمصير الشعوب. هذه القوى ليست إلا أدواتٍ في يد أنظمةٍ تبحث عن الهيمنة واستدامة مصالحها، ولو على حساب دماء الأبرياء ومعاناة الشعوب. وقد أخذت قوات الدعم السريع على عاتقها عهداً بالتصدي لهذه القوى بكل جسارةٍ وإيمان، مُستلهمةً إرادة الشعب الذي يتطلع إلى الخلاص من قبضة الطغيان وإقامة دولة تُنصف الجميع، دون تمييز أو تفرقة.

العقوبات التي أصدرتها إدارة بايدن، والتي جاءت في أحرج لحظات ضعفها، قُبيل انتهاء ولايتها، ليست سوى محاولة مكشوفة للتغطية على إخفاقها في التعامل مع الملف السوداني. هذه العقوبات تعكس حالة ارتباك واضحة في دوائر صنع القرار الأمريكي، والتي باتت عاجزة عن تقديم حلولٍ عملية تُنهي النزاعات وتحقق تطلعات الشعوب. فقد فشلت الولايات المتحدة منذ البداية، بدءاً بمنبر جدة الأول وحتى محاولاتها في جنيف، في فهم جذور الأزمة، والتعاطي معها بما يخدم السلام الحقيقي. فبدلاً من دعم الحلول العادلة، اختارت أن تكافئ الجهات التي تُشعل الحروب وتُغذي الإرهاب.

ورغم محاولات واشنطن لتبرير عقوباتها أمام المجتمع الدولي، فإن هذه القرارات تظل شهادةً على ازدواجية مواقفها. فهي تغض الطرف عن انتهاكات الفاعلين الحقيقيين الذين تسببوا في المأساة السودانية، بينما تستهدف أولئك الذين يدافعون عن حقوق شعوبهم في مواجهة الظلم. هذا التناقض الصارخ يفضح طبيعة السياسات الأمريكية التي باتت تتعامل مع القضايا الدولية بمنطق المكاسب الآنية، دون أي التزام أخلاقي تجاه العدالة.

إن هذه العقوبات، رغم خلوها من القيمة الحقيقية أو التأثير العملي، تكشف بوضوح عن جهل الإدارة الأمريكية بطبيعة الصراع في السودان، وعن افتقارها للإرادة السياسية الحقيقية لحل الأزمة. لكنها في المقابل، لن تُثني قوات الدعم السريع عن التمسك بمبادئها التي خاضت الحرب من أجلها، ولن توقف مشروعها الهادف إلى بناء دولة جديدة تصون كرامة الإنسان السوداني، وتحقق الحرية والعدالة والمساواة. إن القوات التي تحملت أعباء هذه الحرب الظالمة، والتي واجهت التحالفات المشبوهة بكل قوة، ستظل وفيةً لتطلعات شعبها، مهما تكالبت عليها قوى الشر.

نحن ندرك أن هذه القرارات تأتي كجزء من محاولات الإدارة الأمريكية لإرسال رسائل دعائية إلى الداخل الأمريكي، لإيهام الرأي العام بأنها لا تزال قادرة على التأثير في القضايا الدولية. إلا أن الحقيقة التي يجب أن تُدركها واشنطن، أن إرادتنا لا تُكسر، وأن طريقنا الذي عبدناه بالدم والتضحيات لن يُعطل مهما كانت المؤامرات. فالشعوب التي عانت طويلاً من التهميش والاستبداد قد أدركت أن مصيرها بيدها، ولن تقبل مجدداً أن تكون ضحيةً لأجندات خارجية.

إن هذه العقوبات لن تُضعف عزيمتنا، ولن تُوقف مسيرتنا نحو تحقيق حلم الدولة الجديدة، دولة الحرية والعدالة الاجتماعية. إن قيادتنا التي تعمل بلا كلل من أجل السلام، لن تخضع لابتزاز الدوائر المشبوهة في الولايات المتحدة أو غيرها. كما أن علاقاتنا المتينة مع دول الإقليم والعالم الحر ستظل قائمةً على الاحترام المتبادل والتعاون من أجل مستقبلٍ أفضل. إن المجتمع الدولي، إذا أراد أن يكون صادقاً مع مبادئه، يجب أن يراجع مواقفه ويدعم مسيرة السودانيين نحو الحرية والاستقرار.

لقد أثبتت هذه الأزمة أن الولايات المتحدة، بشعاراتها المزدوجة، ليست سوى طرفٍ في الصراع، يقف على النقيض من مبادئ السلام والإنصاف. ولكننا، بوحدتنا وتضحياتنا، ماضون نحو مستقبلٍ مشرقٍ لا مكان فيه للظلم ولا للاستبداد. فالأوطان تُبنى بالتضحيات، والكرامة لا تُنتزع بالعقوبات أو التهديدات، بل بإرادة الشعوب التي تصنع التاريخ بدمائها وأحلامها.

متعلقات