منذ سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد، عاد آلاف اللاجئين السوريين متشوقين ومتحمسين بعد غربة دامت سنوات، إلى بلادهم لاسيما من تركيا.
لكن سرعان ما تحولت تلك الحماسة ندماً، بسبب الظروف المعيشية القاسية بعد حرب استمرت 14 عاما تقريبا.
هذا ما شعر به أحمد الشيخ الذي عاد مع ما يقارب من 35 ألف آخرين من تركيا المجاورة، متخلين عن حق العودة ثانية بعد التوقيع على وثيقة العودة الطوعية.
وقال الشيخ (35 عاما) من منزله عقب عودته إلى حلب بعد ثماني سنوات من فراره إلى تركيا "تفاجأت بالوضع الكارثي.. ما حسبت له حساب".
كما أضاف أن المياه والكهرباء تنقطعان بشكل متكرر، فيما الاتصال بالإنترنت شبه منعدم، وفق ما نقلت رويترز.
"أفكر أرجع"
وقال "صرت أفكر أرجع على تركيا، على الأقل كانت حياتي مستقرة، أطفالي في المدارس، وأموري الحياتية مستقرة ما عندي أي مشاكل... لكن ما عدت أستطيع أرجع لأني موقع على عودة طوعية".
في المقابل، يبدو أن بعض السوريين ما زالوا يميلون أكثر إلى الانتظار لرؤية ما سيحدث.
وفي السياق، قال جعفر (27 عاما)، وهو كيميائي سوري جاء إلى تركيا قبل 12 عاما، إنه لن يفكر في العودة مع زوجته وأطفاله الثلاثة حتى تتحسن الظروف هناك.
كما أوضح أن "أولاده تأقلموا حاليا على الوضع في تركيا، ما يجعل بقاءهم هنا هو الأكثر ترجيحا لأنهم تكيفوا مع الحياة واللغة والتعليم".
وأشار إلى أن بعض الناس يودون العودة، لكن نقص الضروريات الأساسية يمنعهم. وقال "إنهم يفكرون في العودة، لكن ليس الآن، ربما في المستقبل".
حماسة تلاشت
من جهته، أوضح قدري جونجورور مدير الرعاية الاجتماعية في جمعية اللاجئين في تركيا أن معظم اللاجئين كانوا متحمسين في البداية للعودة بعد سقوط نظام الأسد، لكن هذا الحماس تلاشى مع الوقت" مشيرا إلى شكاوى مثل الافتقار إلى خدمات التعليم والرعاية الصحية.
كما أضاف أن بعض العائلات تشعر بالندم وترغب في العودة، لاسيما عندما يقارنون بين ظروف المعيشة بين البلدين.
إلى ذلك، أكدت "جمعية اللاجئين" كثيرين مثل الشيخ استفاقوا على الحقيقة ويشعرون الآن بخيبة الأمل بسبب واقع الحياة في بلد مزقته الحرب.
علماً أن وجود ما يقرب من ثلاثة ملايين سوري في تركيا أصبح قضية سياسية حساسة. حيث واجه كثير من السوريين موجات من المشاعر المعادية للمهاجرين جعلتهم يشعرون بعدم الترحيب بوجودهم.
أمام هذا الواقع ونتيجة لمثل هذه التجارب السلبية، أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا في نهاية 2024 عن خطة تهدف إلى تمكين المهاجرين من التخطيط بشكل أفضل لعودتهم إلى بلدهم.
كما أوضحت الوزيرة أن تلك الخطة تسمح لأرباب الأسر السورية المهاجرة بزيارة سوريا ثلاث مرات بين يناير ويونيو حزيران هذا العام. وقال يرلي قايا إن 81576 دخلوا سوريا في الفترة بين سقوط الأسد وأواخر يناير، ما يشير إلى انخفاض طفيف في معدل العودة اليومية من ديسمبر إلى نحو 1600 يوميا.
لكن لم يتضح عدد الذين وقعوا قبل المغادرة على وثيقة العودة الطوعية في يناير.