انتهت جلسات القمة العربية حول فلسطين والتي عقدت في القاهرة الثلاثاء ببيان ختامي أكد ضمن بنوده أن ملف الأمن في غزة يجب أن يدار من المؤسسات الفلسطينية الشرعية، وأن إدارة غزة المؤقتة ستعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية.
كما رحّب البيان الختامي للقمة بالقرار الفلسطيني لتشكيل لجنة لإدارة غزة وجهود الإصلاح في السلطة الفلسطينية وإجراء انتخابات، مؤكداً أن السلاح المسموح في غزة هو السلاح الشرعي.
أبرز الرسائل
لكن ماذا عن نتائج القمة وما الرسائل التي وجهتها للمجتمع الدولي؟
للإجابة على ذلك أوضح اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن أهم نتائج القمة تمثلت في أنها وجهت مجموعة من الرسائل شديدة الوضوح إلى المجتمع الدولي بصفة عامة، وإلى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بصفة خاصة.
وقال إنها رسائل أكدت في مجملها استشعار الدول العربية بالمخاطر المحيطة بها، ومن ثم كان لزاماً عليها أن تكون في هذه المرحلة الخطيرة على قلب رجل واحد.
كما أضاف أن أهم تلك الرسائل التي لا تقبل التأويل هي الرفض العربي القاطع والحاسم لمشروعات التهجير بما في ذلك مقترح تهجير سكان قطاع غزة الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحظي بتأييد كامل من جانب الحكومة الإسرائيلية.
وأوضح أن القمة نجحت في أن تعلن على الملأ وقوفها صفاً واحداً في مواجهة كافة محاولات التهجير المرفوضة، ويدعم الموقف العربي في هذا الشأن تمسك الفلسطينيين بأرضهم رغم كافة الظروف اللاإنسانية التي يواجهونها بفعل الإجراءات الإسرائيلية.
وحول إعادة إعمار القطاع دون تهجير وكيف يمكن تنفيذ ذلك، قال الخبير المصري إن اعتماد القمة لخطة إعادة الإعمار المقدمة من مصر بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية ومن ثم أصبحت خطة عربية شاملة، يعد خطوة هامة للغاية في مجال تثبيت مبدأ الإعمار بدون تهجير، خلافاً للمقترحات الأميركية والإسرائيلية التي تطالب بالتهجير من أجل التعمير، مضيفا أنه من الأمور الإيجابية أن القمة بلورت بعض الإجراءات التي يجب أن يتم تنفيذها في هذا الشأن.
فيما حول ماهية هذه الإجراءات قال اللواء الدويري إن من أبرزها حث المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية على تقديم الدعم اللازم لخطة الإعمار، وعقد مؤتمر دولي في القاهرة لإعادة الإعمار في أسرع وقت، وحث المجتمع الدولي على المشاركة به من أجل الإسراع في تنفيذ الخطة، فضلا عن إنشاء صندوق إنمائي يتلقى التعهدات المالية من المانحين لتنفيذ مشروعات الإعمار، مع قيام اللجنة الوزارية العربية والإسلامية بزيارات للعواصم الدولية لشرح خطة الإعمار.
فيما شدد على ضرورة أن تسير خطة الإعمار جنباً إلى جنب مع خطة شاملة للسلام.
الترتيبات الأمنية
وعن شكل السلطة الحاكمة للقطاع وما هي الترتيبات الأمنية في غزة؟
بيّن الخبير المصري أن من بين الأمور الهامة ترحيب القمة بتشكيل الجانب الفلسطيني لجنة لإدارة القطاع تحت مظلة الحكومة الفلسطينية وتشكيلها من كفاءات أبناء غزة، وذلك لفترة انتقالية بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى القطاع.
وكشف أن القمة أشارت في مجال الترتيبات الأمنية في غزة إلى أن ملف الأمن في قطاع غزة يعد مسؤولية فلسطينية خالصة، وأن الأمن تتم إدارته من جانب المؤسسات الفلسطينية الشرعية وفقاً لمبدأ القانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد وبدعم دولي، مع الترحيب بالطرح المصري والأردني لتأهيل وتدريب كوادر الشرطة الفلسطينية بما يضمن قدرتها على أداء مهامها في حفظ الأمن في غزة على الوجه الأكمل، منوها لدعوة مجلس الأمن إلى نشر قوات دولية لحفظ السلام في كل من الضفة الغربية وغزة.
فيما أجاب الخبير حول كيفية تنفيذ بنود القمة فيما يخص عملية السلام، وقال إن القمة تعاملت مع عملية السلام بصورة تفصيلية حيث أكدت أن تحقيق السلام العادل والشامل هو الخيار العربي الاستراتيجي.
وأكدت على حق الشعب الفلسطيني في أن تكون له دولة مستقلة ذات سيادة على أساس حل الدولتين كما شددت على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وضمان الأمن لجميع شعوب المنطقة بما في ذلك إسرائيل.
كذلك الالتزام بمبادرة السلام العربية المطروحة عام 2002، ودعم جهود التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين برئاسة السعودية.
وحول ماهية تنفيذ بنود القمة في ما يخص اتفاق الهدنة؟
أكد الخبير المصري أن القمة منحت أولوية قصوى لاتفاق الهدنة حيث طالبت بضرورة استكماله وتنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة وأن تلتزم إسرائيل بما تم الاتفاق عليه، مع أهمية انسحاب إسرائيل الكامل من غزة بما في ذلك محور فيلاديلفي، بالإضافة إلى استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
كذلك أوضح أن القمة حرصت على الإشادة بالدور الإيجابي الذي قام به الرئيس الأميركي ترامب في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بالتعاون مع كل من مصر وقطر.
وتابع أن القمة كانت حريصة على أن تؤكد على طبيعة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل وضرورة ملاحقة جميع المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم التي تم ارتكابها في حق الشعب الفلسطيني.
موقف عربي جماعي
الخلاصة كما يقول الخبير المصري أن قرارات القمة العربية عبرت بوضوح عن الموقف العربي الجماعي ليس فقط بالنسبة لحل أزمة غزة ولكن أيضاً فيما يتعلق بضرورة حل القضية الفلسطينية بشكل عام باعتبار أن ذلك يعد أساس الاستقرار في المنطقة.
ونجحت القمة كما يشير الخبير المصري إلى أن القمة لم تكتف بالإعلان عن مجموعة من القرارات بل قامت ببلورة العديد من آليات تنفيذها، وهو الأمر الذى يتطلب أن تبدأ التحركات العربية خلال الأيام المقبلة مع كافة الأطراف المعنية خاصة الولايات المتحدة لعرض نتائج القمة ومدى التوافق العربي على خطة الإعمار بدون تهجير.
كذلك ضرورة البدء في عملية سلام في أسرع وقت ممكن وبالتالي من المهم أن تقوم الولايات المتحدة بدورها في هذا الشأن وأن تتخلى عن مقترحات لن يكتب لها النجاح.