الأحد-06 أكتوبر - 09:53 ص-مدينة عدن

وجود حلف شمال الأطلسي لم يعد مبرراً مع ظهور عالم متعدد القطبية

الإثنين - 08 يوليه 2024 - الساعة 09:40 ص بتوقيت العاصمة عدن

"عدن سيتي" متابعات




سيتقاطر زعماء العالم إلى واشنطن الأسبوع المقبل للاحتفال بمرور 75 عاماً على تأسيس حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وسيجادل أكثر من مشارك بأن حلف شمال الأطلسي لا غنى عنه، وسيتحدثون عن كل الأشياء الجيدة التي سيحققها حلف شمال الأطلسي على مدى السنوات الـ75 المقبلة. وبطبيعة الحال، فإن هذا الثناء له ما يبرره. إذا قيّمنا أداء الحلف منذ إنشائه، فلن يكون هناك من يستطيع أن ينفي حقيقة نجاحه.


وتم احتواء السوفييت، ودمج ألمانيا الغربية في الحلف الغربي، وبقيت الولايات المتحدة منخرطة بعمق في الأمن الأوروبي. لكن وكما قال زملائي في «مركز أولويات الدفاع» خلال ندوة عبر الإنترنت، فإن نجاح «الناتو» في تحقيق أهدافه الأولية، زرع بذور انحداره في المستقبل.

ألمانيا منزوعة السلاح

وانتهى التهديد السوفييتي، وفقد الأعضاء الأوروبيون والكنديون في حلف شمال الأطلسي كثيراً من تصميمهم على الحفاظ على قدرات عسكرية قوية، والإسهام بنصيبهم العادل في الدفاع الجماعي حتى بعد الحرب في أوكرانيا.

وإضافة إلى ذلك، كان للنجاح في ضم ألمانيا الغربية إلى النظام الغربي عواقب غير متوقعة، فقد كانت ألمانيا منزوعة السلاح ضرورية لمنع تهديدها المتجدد في أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، فإن هذا يعني أيضاً أن إحدى القوى الأوروبية الكبرى قد نزعت سلاحها بشكل فعال، لكن منذ نهاية الحرب الباردة لم تمنح عضوية ألمانيا في حلف شمال الأطلسي حافزاً كبيراً للإنفاق على الدفاع، لهذا فقد كان هذا الافتقار إلى القدرات العسكرية القوية من جانب قوة رئيسة، سبباً في خلق فجوة في الموقف الدفاعي الشامل لحلف شمال الأطلسي الأوروبي، والتي أصبحت واضحة بشكل صارخ منذ الحرب في أوكرانيا.

وأدت هذه الاستراتيجية لبقاء أميركا في قيادة حلف «الناتو» وتحميلها نصيباً غير عادل من أعباء الحلف المالية والعسكرية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت تاريخياً راغبة في الاضطلاع بهذا الدور، فإن ظهور تحديات عالمية جديدة قد يؤدي إلى إعادة تقييم أولوياتها الأمنية، لكن هذا الخلل في تقاسم الأعباء كان سبباً في توتر العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لفترة طويلة، ما يهدد بتقويض التزام أميركا تجاه حلف شمال الأطلسي.

تغير القطبية

وتلقي هذه التحديات - مجتمعة - بظلالها الطويلة على مستقبل حلف الأطلسي. وتركز الولايات المتحدة بشكل متزايد على التحديات الأمنية المعقدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وقد يؤدي هذا التحول في التركيز إلى انخفاض الالتزام الأميركي بالأمن الأوروبي.

وتثبت هذه التحديات أنها قد تكون مهلكة لحلف «الناتو»، لكنني أرى أن النهاية الحتمية للحلف باتت لها جذور عميقة، وهذه الجذور لها علاقة بتغير القطبية في العالم خلال العقد الماضي تقريباً.

وتَشكل الحلف في عالم ثنائي القطبية لمعالجة واقع المنافسة بين القوى العظمى.

ومع انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، تكيف حلف «الناتو» مع الحقائق الجديدة لما بات يسمى «عالماً أحادي القطب»، وسمح غياب القطب الرئيس المنافس للولايات المتحدة بالحفاظ على وضع المهيمن ضمن الحلف، وتحول حلف شمال الأطلسي إلى أداة للتفوق الأميركي. ولكن زمن العالم أحادي القطب انتهى الآن، وعلينا الدخول في مرحلة جديدة جيوسياسياً، فقد أدى صعود الصين وعودة روسيا إلى الظهور، والهند، وصعود قوى إقليمية أخرى، إلى خلق بيئة أمنية أكثر تعقيداً وفوضوية وتنافسية.

عالم متعدد الأقطاب

وهنا تكمن المشكلة التي يواجهها حلف شمال الأطلسي وأنصاره، إذ يجب تكيف الحلف مع الواقع الجديد المتعدد الأقطاب، بحيث يصبح ملائماً للغرض في «عالم متعدد الأقطاب غير متوازن»، وربما يكون مستحيلاً، وبالتأكيد لا يستحق كل هذا العناء، واستثمار الوقت والمال والطاقة التي يتطلبها ذلك.

لهذا ثمة نهج أكثر ذكاء، فعلى النقيض من الهياكل المتحجرة للتحالفات الرسمية، فإن شراكات العمل المرنة بشأن قضايا محددة تقدم وعداً أكبر. وتمكن هذه الشراكات الولايات المتحدة من الحفاظ على حرية المناورة، وبناء تحالفات مخصصة للتعامل مع التهديدات الناشئة، لهذا ظهرت أمثلة مثل التحالف بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة.

وعلى الرغم من أن هذه التحالفات القائمة قد تقوم بدور هامشي في هذا النظام العالمي الجديد، فإنه من المرجح أن تتضاءل أهميتها. والسؤال المطروح على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين ليس ما إذا كان من الممكن إنقاذ حلف شمال الأطلسي، بل ما إذا كان من الممكن بقاؤه أصلاً.

• صعود الصين، وعودة روسيا إلى الظهور، والهند، وصعود قوى إقليمية أخرى، أدى إلى خلق بيئة أمنية أكثر تعقيداً وفوضوية وتنافسية.

• انتهى التهديد السوفييتي منذ فترة طويلة، وفقد الأعضاء الأوروبيون والكنديون في حلف شمال الأطلسي كثيراً من تصميمهم على الحفاظ على قدرات عسكرية قوية.

متعلقات