الأربعاء-15 يناير - 09:55 ص-مدينة عدن

هل يمكنك أن تتخيل مباراة متلفزة بين فريق كامل ولاعب واحد..؟

السبت - 24 أغسطس 2024 - الساعة 11:11 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن " عدن سيتي " محمد العولقي





هل يمكنك أن تتخيل مباراة متلفزة بين فريق كامل ولاعب واحد..؟
سؤال كمان :
هل يمكنك أن تستوعب أن لاعبا واحدا يقف لوحده سدا منيعا في وجه فريق كامل العدة والعتاد طوال 112 دقيقة؟
أراك تقطب حاجبيك اعتراضا..وأسمعك تردد هذا مستحيل.. ولو كان هذا الواحد الخارق سوبر مان..
حسنا..ما رأيك أن هذا حدث يوم 22 يونيو عام 1989 على ملعب الشهيد الحبيشي بعدن..؟
كانت المناسبة نهائي كأس الجمهورية بين الغريمين التقليديين الوحدة والتلال..
كان أول لقاء تدور أحداثه على بساط ملعب اكتسى بالعشب الطبيعي..
جاء اللقاء النهائي من طرف واحد..
الوحدة بكتيبته المرعبة يستحوذ ويسيطر ويخلق فرصا مثل الرز.. لكن الغزو الأخضر يتحطم أمام صخرة الحراسة الحمراء الأخطبوط إبراهيم عبد الرحمن..
فرصة واحدة محققة خلقها التلال تدخل معها حارس الوحدة محمود علي عبده والقائم الأيسر ليمنعا هدفا تلاليا..بعد ذلك تحول اللعب إلى مرمى التلال..
الوحدة يهاجم بضراوة والحارس الفدائي إبراهيم يرد ويصد..لا يتوقف عن الزئير في عرينه كأسد هصور..
كاد المعلق الشهير محمد سعيد سالم يخرج من جلده وهو يصرخ مندهشا: مباراة بين الوحدة وإبراهيم عبد الرحمن..
كرات مستحيلة أنقذها العملاق إبراهيم على مدار الوقت الأصلي والوقتين الإضافيين..
سيل من الكرات الصعبة والخطيرة أنقذها بصمود أسطوري..كرات مسمومة من صلاح سالم وعبدالله هادي وفضل الأوبلي ومشتاق محمد سعد والأحمدي..تعامل معها إبراهيم بثبات أعصاب وجرأة غير معهودة..
كاد مدرب الوحدة أحمد صالح قيراط يجن ويصاب بانهيار عصبي وهو يرى سيلا عرمرما من الفرص الذهبية تتوقف أمام الجدار العازل إبراهيم عبد الرحمن..
كان الأحمدي القائد من هناك يضرب كفا بكف لا يصدق أن الوحدة لم يسجل في مباراة من طرف واحد وفي مواجهة حارس مرمى استثنائي..
القدر كان رحيما بالوحدة حين أنقذه من فخ ركلات الترجيح..
قبل نهاية الوقت الإضافي الثاني بثمان دقائق جاء الفرج أخيرا..ركلة جزاء صحيحة احتسبها الحكم سعد خميس..لمسة يد متعمدة من سامي نعاش..غيرت مسار أفكار الحارس إبراهيم الشجاع..
من هناك بدأ النعاش منهار باكيا جاثيا على ركبتيه..كانت المرارة تسكن حلقه..بالمقابل لم يختلف الأمر كثيرا عند لاعبي الوحدة..
بدأ وكأن معظم اللاعبين يتحاشون مواجهة الحارس إبراهيم..كانوا يعلمون أنه في يومه.. وأنه يتفوق عليهم نفسيا ومعنويا..
دقائق من النقاش بين القائد الأحمدي وزملائه..انتهى بقرار شجاع من أصغر لاعب في الفريق..المدافع الواعد وقتها خالد عفارة..
تقدم خالد بتركيز.. تحاشى النظر إلى عيني الأسد إبراهيم الذي وقف شامخا يفرد ذراعيه كطائر الرخ العملاق..لكن خالدا سدد بمنتهى الدقة والثبات إلى يسار إبراهيم الذي طار خلفها..غير أنها سكنت المرمى وانتهى كل شيء..
نعم فاز الوحدة باللقب الغالي..وبقي حارس التلال العملاق إبراهيم عبد الرحمن ينفرد عن جميع أقرانه بأنه الوحيد الذي واجه كتيبة رعب خضراء نشف ريقها 112 دقيقة..

محمد العولقي

متعلقات