"الإيجار القديم".. تفاصيل حكم قضائي ينصف مليوني مصري من قانون عمره 43 عاماً
الأحد - 10 نوفمبر 2024 - الساعة 08:20 م بتوقيت العاصمة عدن
عدن سيتي / متابعات
في حكم قد يغير أوضاعا استمرت نحو 43 عاما، قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى والثانية من القانون 136 لسنة 1981، بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، وبالتالي تغيير قيمة الأجرة الشهرية المقررة، مما قد يؤثر على ملايين الشقق السكنية.
ونص القانون الذي صدر قبل 43 عاما، على ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكن اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون وعدم زيادتها، دون الوضع في الاعتبار الزيادات المستمرة في الأسعار والتضخم، ما أدى إلى خلل من التوازن في العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، لصالح المستأجر على حساب المالك.
ولفهم الموضوع، ولتفاصيل أكثر يقول عضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة، اللواء الدكتور شوقي صلاح، لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، إن الدستورية العليا حرصت على استقرار المراكز القانونية وإعمالا للمادة 49 من قانونها المتعلق بأنها من تحدد تاريخ سريان حكمها، كما انتهت إلى أن هذا الحكم يتم سريانه اعتبارا من نهاية دور الانعقاد التشريعي الحالي، ولم تطلب تنفيذ الحكم فور صدوره أو بأثر رجعي.
تشريع قانوني جديد
وأكد الخبير القانوني المصري على ضرورة تشريع قانون يغير ثقافة الخوف السائدة، والمتمثلة في خشية مالك العقار الخضوع لأوضاع تهدد ملكيته، وبالتالي يلجأ لجعل العقار شاغرا أفضل من تأجيره، مطالبا المشرع والسلطات التنفيذية بمواجهة تلك الثقافة، حرصا على المصلحة الاقتصادية العامة للدولة.
ويقترح الخبير القانوني مراعاة عدة جوانب عند تنفيذ القانون، أهمها إعادة التوازن المفقود بين القيمة الإيجارية المستقبلية للوحدات المستأجرة وفقا للقانون القديم الذي ينظم تلك العلاقة وما شهده الواقع الحالي من تضخم وزيادة في الأسعار، ووفق قواعد تختلف حسب ظروف الأماكن المستأجرة، مستدلا بالقول إن الشقة التي تبلغ مساحتها 120 مترا مربعا في منطقة المهندسين بالجيزة وهي منطقة راقية تختلف زيادة القيمة الإيجارية المقررة لها عن مثيلتها الموجودة في منطقة شعبية بالقاهرة. ويوضح بالقول: "كما يجب أن يكون نطاق تطبيق الزيادات القانونية المقررة مدة زمنية لا تتجاوز الثلاث سنوات، وقبل نهايتها بستة أشهر يعاد مراجعة تلك القيمة وفقا لمستجدات الواقع الاقتصادي".
الخبير المصري أضاف: "ولمواجهة ثقافة الخوف التي تنتاب الملاك وتجعلهم يخشون مماطلة المستأجر بشكل أو آخر في إخلاء الوحدة السكنية بعد انتهاء مدة عقد الإيجار، يجب أن يتضمن التشريع في جانب منه ضوابط من شأنها تنفيذ بنود التعاقد طالما كان موثقا، ودفع المالك الضريبة المقررة على مبالغ الإيجار التي استحقها من المستأجر، وذلك بمجرد تقدمه للنيابة العامة المختصة بطلب إصدار أمر بإخلاء الوحدة فورا وتسليمها له".
استحداث إدارة جديدة
ويقترح الخبير المصري على وزارة الداخلية أن تستحدث في هيكلها التنظيمي "إدارة عامة لحماية الملكيات الخاصة" يكون الهدف من إنشائها هو حماية كافة الملكيات الخاصة التي يوثق ملاكها ممتلكاتهم ويؤدون الضرائب المقررة عليهم بشأنها، مضيفا أن إدارة تنفيذ الأحكام يجب أن تتولى تنفيذ قرارات النيابة العامة في هذا الشأن.
وفي ذات السياق، أعلن البرلمان المصري تدخله لضبط الأمور بعد حكم الدستورية العليا، حيث أكد المجلس في بيان رسمي أن المجلس كلف لجنة الإسكان بإعداد دراسة مستفيضة عن ملف قوانين "الإيجار القديم"، بما في ذلك تقييم أثرها التشريعي، وفق محددات معينة أهمها الخلفية التاريخية لهذه التشريعات، وأحكام المحكمة الدستورية المتعلقة بها.
وأشار إلى أنه سيواصل مناقشة القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن، والتعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية بروح من التوازن والعدالة، ملتزمًا بحماية مصالح جميع الأطراف دون تغليب مصلحة طرف على حساب آخر.
في السياق نفسه، كشف محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، أن عدد المواطنين الخاضعين لقانون الإيجار القديم بالكامل يبلغ نحو 3 ملايين مواطن، المستفيدون للغرض السكني نحو مليون و800 ألف مواطن، لافتاً إلى أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية بشأن قانون الإيجار القديم ملزم لجميع مؤسسات الدولة سواء الحكومة أو البرلمان.
وأوضح أن اللجنة ستبدأ في مناقشة القانون عقب وصول حيثيات الحكم، وهناك اتجاه لمناقشة الموضوع بأكمله وليس الشق المتعلق بالشقق السكنية فقط.
توجيهات رئاسية لمعالجة قانون الإيجار القديم
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد طالب خلال مؤتمر "حكاية وطن" في أكتوبر من العام 2023، بضرورة وجود قانون لمعالجة مشكلة العقارات المطبق عليها قانون "الإيجار القديم".
وأقر مجلس النواب تعديلاً على القانون عام 2022 يطبق على الأشخاص الاعتباريين الذين يقومون باستئجار العقارات القديمة لأغرض تجارية، حيث سمح بزيادة الإيجارات بنسبة 15% سنوياً لمدة 5 سنوات على أن تنتقل بعدها الوحدة إلى المالك بقوة القانون.
وصدر أول قانون لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في مصر عام 1920 وقضى بعدم جواز إخراج المالك للمستأجر إلا بحكم محكمة.
وفي عام 1941، صدر قانون يمنع المالك من رفع قيمة الإيجار أو طرد المستأجر، وذلك لظروف الحرب آنذاك، وبعد ثورة العام 1952 صدرت العديد من القوانين التي تلزم المالك بخفض قيمة الإيجار.
وفي العام 1981 صدر قانون جديد ينظم العلاقة بين الطرفين، حيث حدد قيمة الإيجار بـ7% من قيمة الأرض وزيادة الإيجار للعقارات غير السكنية بقيمة تتراوح من 5% و30% وفقاً لتاريخ نشأتها، وهو القانون الذي طاله أخيرا حكم الدستورية العليا.