الإثنين-06 يناير - 09:47 م-مدينة عدن

العرب والتحوّلات الاستراتيجية.. العرب وحتميّة الإصلاح الدّيموقراطي (1/2)

السبت - 04 يناير 2025 - الساعة 08:59 م بتوقيت العاصمة عدن

الوطن العربي " عدن سيتي ". أحمد عبد ربه : متابعات








العرب وحتميّة الإصلاح الدّيموقراطي (1/2)




على الرّغم من مرور أكثر من ثلاثة عشر عامًا على اندلاع الثّورات العربيّة وما تلاها من أحداثٍ زَلزلت النُّظم السّياسيّة العربيّة، وعلى الرّغم من اختلاف تقييمات الخُبراء والأكاديميّين العرب لهذه الثّورات وما ترتّب عليها من تغييرات، إلّا أنّ التّحديّات الدّوليّة والإقليميّة المُحيطة بالعالم العربي الآن تجعل من قضيّة الإصلاح الديموقراطي حتميَّةً لا يمكن التّغاضي عنها مهما حاولت النُّظم العربيّة الالتفاف عليها أو تأجيلها!


على الرّغم من أنّ الثّورات العربيّة قد فشلت في إحداث تحوّلاتٍ ديموقراطيّة لأسبابٍ متعدّدة، وعلى الرّغم من أنّ نتائجَها كانت بالفعل مُدمِّرة بالنّسبة للعديد من النُّظم العربيّة بيْن انقلاباتٍ عسكريّة وحروبٍ أهليّة وانهياراتٍ اقتصاديّة، إلّا أنّ ضرورة الإصلاح الدّيموقراطي تظلّ مُلِحَّةً، لأنّها إنْ لم تحدُثْ بمبادراتٍ داخليّة سِلميّة، فإنّ محاولات التّغيير بالقوّة ستكون حتميّةً وقد تكون مُدمّرة سواء بتدخلاتٍ خارجيّة أو بِهِبَاتٍ داخليّة من قوى مُجتمعيّة متعدّدة ومتحفّزة.


الحقيقة أنّ النُّظم العربيّة تظلّ من بيْن الأقلّ استجابةً لعمليّة "الدمقرَطة اللّيبيرالية" الّتي انطلقت بعد نهاية الحرب العالميّة الثّانيّة وتسارعت بقوّة بعد انهيار النّظم العسكريّة في أميركا اللّاتينية وآسيا، ثمّ وبانهيار الاتّحاد السّوفياتي، أصبحت النّظام المُهيمن على النّظم السّياسيّة عالميًّا، حتى أنّها طالت أقلّ النّظم تحديثًا سياسيًّا واقتصاديًّا في جنوب شرق آسيا وفي دول أفريقيا جنوب الصّحراء.
القبضة الأمنيّة في معظم الدّول العربيّة لم تؤدِّ إلّا إلى المزيد من التّهديد للدّولة الوطنيّة وأمنِها القومي
وعلى الرّغم من تعدّد التّفسيرات بخصوص هذه المُمانعة العربيّة للتّحوّل الدّيموقراطي، حتّى أنّ العديد من التّفسيرات الغربيّة والعربيّة على السّواء ذهبت إلى حدّ الادّعاء بأنّ الثّقافة العربيّة بمُكوِّناتِها المُجتمعيّة والثّقافيّة والدّينيّة غير قابلة لـ"الدمقرطة"، فإنّ ثورات عام 2010/2011 أثبتَت أنّ الشّعوب العربيّة مثلها مثل غيْرها من شعوبِ العالم تتطلّع للحرّية والتّغيير والتّحديث مهما كلّفها ذلك من أثمان!


كذلك، فمِن المؤكّد أنّ اتّهام الكثير من السّياسيّين والمثقّفين العرب المُحافظين سياسيًّا للثّورات العربيّة بتهديد الدّولة الوطنيّة/القوميّة العربيّة لم يُغيّر من حقيقة أنّ نموذج الدّولة القوميّة هذا ما زال مهدَّدًا على الرّغم من فشلِ هذه الثّورات، وأنّ القبضة الأمنيّة الغاشِمَة التي تَلَت فشل هذه الثّورات في معظم الدّول العربيّة لم تؤدِّ إلّا إلى المزيد من التّهديد للدّولة الوطنيّة وأمنِها القومي، فهذه القبضات التي تفتقد للرّؤية السّياسيّة قد تكون بالفعل أجّلت قضيّة انهيار الدّولة في العالم العربي على الأجَلِ القَصير، إلّا أنّها لم ولن تتمكّن من منع هذا التّهديد على الأَجَلَيْن المتوسّط والطّويل طالما ظلّ أهمّ عنصر من مكوّنات الدّولة القوميّة في العالم العربي مُهَمَّشًا ومُسْتَبْعَدًا من معادلات السّياسة والاقتصاد والأمن، ألا وهو المواطن العربي!



الدّيموقراطيّة هي الحلّ الوحيد من أجل تجنّب سيناريوات قد تكون أسوأ كثيرًا من تلك التي شهدها العالم العربي في 2011
فالقبضة الأمنيّة/العسكريّة الهائِلَة التي شهدتْها دول مثل مصر وتونس وسوريا بعد فشل الثّورات الشّعبيّة لم تمنع استمرار التّهديدات الأمنيّة والاقتصاديّة لهذه الدّول والتي يظلّ أمنُها القومي مهدَّدًا على مستويات متعدّدة لا يمكن مجابهتها من دون مُعادلةٍ سياسيّةٍ تُعيد المُواطن إلى الواجهة!.


كذلك فإنّ الحلول الأمنيّة، أو العسكريّة، أو الطّائفيّة، أو القَبَلِيَّة من دون مُعادلات سياسيّة تعتمِد التعدّديّة والمواطَنة ثبُت فشلها في دولٍ مثل (ليبيا واليمن والسّودان ولبنان والجزائر)، وتظلّ هذه الدّول جميعها مهدَّدَة بالفشل وربّما الانهيار ما لم يلتفت صُنّاع القرار فيها إلى أنّ الدّيموقراطيّة التي لطالما هاجموها، تظلّ هي الحلّ الوحيد من أجل تجنّب سيناريوات قد تكون أسوأ كثيرًا من تلك التي شهدها العالم العربي في 2011!.




"عروبة 22"

متعلقات