جيل ضائع؟ كيف يخطف داعش والمخدرات أحلام المراهقين؟
من البحث عن الذات إلى طريق اللاعودة : رحلة المراهقين مع الإرهاب والمخدرات"
مقدمة
تعد فترة المراهقة إحدى أكثر المراحل العمرية حساسية في حياة الإنسان، حيث يمر الفرد بتغيرات نفسية وجسدية تجعله عرضة للتأثيرات الخارجية.
في هذه المرحلة العمرية ، يبحث المراهق عن هوية، انتماء، وثقة بالنفس، وهو ما تستغله قوى الظلام مثل تنظيم داعش الإرهابي وشبكات تجارة المخدرات... هذه الجهات تستغل هشاشة وعي المراهقين، لتجنيدهم في صفوفها أو إدخالهم في دائرة الإدمان، مما يؤدي إلى تدمير مستقبلهم وتهديد أمن واستقرار المجتمعات.
يمثل المراهقون هدفًا مغريًا للتنظيمات الإرهابية وشبكات المخدرات لعدة أسباب رئيسية:
1. مرحلة التمرد والرغبة في الاستقلال :
- يسعى المراهق في هذه المرحلة إلى إثبات ذاته بعيدًا عن سلطة الأسرة والمجتمع، مما يجعله عرضة للتأثر بالأفكار المتطرفة أو الإغراءات المادية.
2. ضعف الخبرة الحياتية:
- يفتقر معظم المراهقين إلى الخبرة الكافية لتمييز الحقائق من الأكاذيب، مما يزيد احتمالية وقوعهم في شباك الاستغلال.
3. سهولة التلاعب العاطفي:
- المشاعر القوية التي تصاحب فترة المراهقة تجعل المراهقين عرضة للتلاعب العاطفي والاستغلال من قبل أطراف تستهدفهم لتحقيق أهدافها.
4. التأثير الرقمي:
- مع الانتشار الواسع لاستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وسوء استخدامها بين المراهقين، أصبحت هذه المنصات أداة رئيسية للاستقطاب بعيدًا عن أعين أسرهم.
- كيف يستقطب تنظيم داعش المراهقين؟
1. الدعاية الرقمية:
- يستغل التنظيم منصات الإنترنت مثل مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية للتواصل مع المراهقين، حيث يقدم نفسه كجهة "منقذة" يوفر هدفاً ومعنى للحياة التي يبحثون عن ضالتهم فيها .
2. تشويه المفاهيم الدينية:
- تروج التنظيمات الإرهابية أفكاراً دينية مشوهة، مستغلون قلة الوعي عمومًا والمعرفة الدينية خصوصًا لدى المراهقين، لإقناعهم بضرورة الانضمام إليهم لتحقيق "العدالة" أو "النصر" .
3. قصص البطولة:
- يعرض التنظيمات الإرهابية مقاطع فيديو وأفلام دعائية تظهر حياة "الأبطال" الذين انضموا إليهم ، مع التركيز على المغامرات والبطولات الزائفة والأفلام الخيالية البعيدة عن الواقع.
4. التلاعب بالحاجة إلى الانتماء:
- يلعب داعش على حاجة المراهقين إلى الانتماء لجماعة قوية، مستغلين شعورهم بالعزلة أو الرفض من المجتمع.
5. التجنيد المباشر:
- في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم أو المناطق الهشة أمنياً، يتم استهداف المراهقين مباشرة من خلال المدارس أو المساجد أو المخيمات الصيفية.
- المخدرات واستهداف المراهقين
1. الإغراء بالتجربة:
- تُقدم المخدرات للمراهقين كوسيلة للمتعة أو "الهروب من الواقع"، مما يجعلهم عرضة للإدمان من المحاولة الأولى.
2. الترويج في البيئات التعليمية:
- يستغل تجار المخدرات المدارس والجامعات كمراكز لترويج منتجاتهم بين المراهقين، مستغلين فضولهم ورغبتهم في التجربة.
3. الهروب من الضغوط النفسية:
- يعاني بعض المراهقين من ضغوط نفسية أو اجتماعية تجعلهم يلجؤون للمخدرات كوسيلة للتخفيف والهروب من هذه المعاناة.
4. استغلال الأصدقاء:
- تؤدي دائرة الأصدقاء دورًا كبيرًا في إدخال المراهقين إلى عالم المخدرات، حيث يعتمد تجار المخدرات على استقطاب شخص مؤثر من المجموعة ليكون مدخلًا لبقية الأفراد.
- التقاطع بين الإرهاب والمخدرات في استهداف المراهقين
رغم أن الإرهاب والمخدرات يبدوان ظاهرتين مختلفتين، إلا أن هناك نقاط تشابه بينهما في كيفية استهداف المراهقين:
1. استغلال نقاط الضعف:
- يتم ذلك سواء عبر التلاعب بالدين أو تقديم المخدرات كوسيلة للهروب، ويعتمد الطرفان على استغلال هشاشة إدراك المراهقين وقلة وعيهم .
2. استخدام الإنترنت:
- تعد المنصات الرقمية الوسيلة الأكثر شيوعًا للاستقطاب، سواء من قبل التنظيمات الإرهابية أو شبكات المخدرات.
3. تدمير المستقبل:
- كلا الأمرين الآتيين يؤديان إلى تدمير حياة المراهقين، إما عن طريق الزج بهم في صراعات دموية أو إدخالهم في دوامة الإدمان.
4. التمويل المتبادل:
- تشير تقارير أمنية إلى أن التنظيمات الإرهابية تعتمد على تجارة المخدرات كمصدر أساسي لتمويل عملياتها والإتجار بها كعائد اقتصادي مجزٍ بشكلٍ أوسع .
- قصص واقعية: مأساة المراهقين
1. قصة شاب مغرر به:
- انضم مراهق يبلغ من العمر 16 عاماً إلى داعش بعد أن تم استدراجه عبر الإنترنت، حيث وُعد بحياة مليئة بالبطولة. انتهى به المطاف في ساحة المعركة، فاقداً حياته في سن مبكرة.
2. مراهقة مدمنة:
- بدأت فتاة مراهقة بتعاطي المخدرات بتأثير من صديقاتها، لتجد نفسها لاحقًا عالقة في دوامة الإدمان والاتجار، مما دمر علاقتها بأسرتها ومستقبلها التعليمي.
- الحلول الممكنة: حماية المراهقين
1. التوعية المبكرة:
- تعزيز التوعية في المدرسة والأسرة والمجتمع والأندية والمساجد والأنشطة الإجتماعية حول مخاطر الإرهاب والمخدرات، مع تقديم أمثلة واقعية لتوضيح العواقب.
2. تعزيز الرقابة الإلكترونية:
- إنشاء وحدات متخصصة لمراقبة الأنشطة المشبوهة على الإنترنت ومنع استغلال المراهقين عبر المنصات الرقمية.
3. دعم الصحة النفسية:
- توفير خدمات نفسية للمراهقين لمساعدتهم على التعامل مع الضغوط والتحديات دون اللجوء إلى المخدرات أو الانضمام لتنظيمات متطرفة.
4. تفعيل دور الأسرة:
- يجب على الأسرة أن تكون أكثر قربًا ورقابةً من وعلى أبنائها المراهقين، وتوفير بيئة آمنة ومشجعة للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم وذواتهم وتطلعاتهم.
5. برامج التأهيل:
- إنشاء برامج تأهيل وإعادة تأهيل للمراهقين الذين وقعوا ضحية لهذه الظواهر والذين لم يقعوا بعد لمساعدتهم على تجنب ذلك ابتداءًا ، لمساعدتهم على العودة إلى الحياة الطبيعية.
خاتمة
إن استهداف المراهقين من قبل التنظيمات الإرهابية وشبكات المخدرات يشكلان تهديدًا خطيرًا ومدمرًا للمجتمعات بأسرها، حيث يتم استغلال هذه الفئة في أهم مراحل تشكيل هويتهم ومستقبلهم.
وأن التصدي لهذه الظواهر يتطلب تعاونًا شاملاً بين الحكومات، المؤسسات التعليمية، الأسر، ووسائل الإعلام. حماية المراهقين ليست مجرد مسؤولية فردية، بل واجب جماعي يضمن مستقبل أكثر أماناً وعدلاً للأجيال القادمة.