الأحد-16 مارس - 01:42 ص-مدينة عدن

"مأساة زعفرانة" " رواية قصصية "

السبت - 15 مارس 2025 - الساعة 10:22 م بتوقيت العاصمة عدن

عدن " عدن سيتيى " "رواية قصصية" هاجع الجحافي


*إستهلال لابد منه:*
*رواية أدبية قصصية تغوص في عمق المأساة بثوابتها ومتغيراتها المكانية والزمانية وابعادها الانسانية الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية وانماط التطور والتغيير والتداخل التي اوجدت متغيرات وتداعيات متجددة اسهمت في التأثير على السلوكيات والقناعات التي خلقت تناقضات  الثابت والمتغير بين زمن وآخر* .. *بحثا عن حل .. عن سبب .. عن تاصيل .. عن ثوابت جمعية في متوالية لامتناهية من التصادم والتقارب .. الخلاف والإختلاف .. التصالح والتنافر .. فتتحول ممكنات التوافق الى مستحيلات تسد الافاق وبالذات بعد ان تدخل زعفرانة في متاهات اكبر واوسع من بساطتها وجمالها .*
*عمل روائي سردي نقشت  احرفه بوضوح وبساطة السهل الممتنع ، دون اي تعقيدات لغة وإصطلاحا ، ليكون فهمها بمقدور كل الناس بمختلف  اعمارهم ومستوياتهم .. وادراك أنها رواية تبحث عن قراءة فاحصة ومنصفة لكل أحداث ومآسي  زعفرانة،  تنطلق من ذلك الذي  كان الى ماهو كائن وتستشرف آفاق الذي يفترض ان يكون ، باستخدام تكنيك قصصي جديد يعتمد على فرضية  الاستفادة من تفاعلات الفضاء  الالكتروني والواقع  الافتراضي الذي يمكن ان  يغني ويفيد ويعمق  مابين السطور قبل ان تجمع الاحرف  والاسطر كعمل ورقي مكتمل بين دفتين . . فإلى تفاصيل ومشاهد الرواية:*
   
----------👀 *المشهد الثالث*👀 ------------             
❗ *(صراع النسب والشعارات والزواج)* ❓
                         
*الواقع الجديد لجميلة الجميلات زعفرانه .. يوحي انها كانت الى حد ما مبتهجة وسعيدة بأن تم تخليصها  وطلاقها من زوجها الخواجة (جون ) ، الا انها  في الحقيقة أصبحت تعاني أزمة عائلية جديدة تتمثل في تنافس الكثير من رجال القبائل والعشائر والفرسان والأهل والمزارعين والصيادين والعمال  على الزواج منها دون ان تمتلك اي خيار للرفض أو القبول ، وأصبحت كأي إمرأة فاتنة حينذاك  مهددة بالحبس او الجنون  اذا لم تقبل بما سيقرره القوم من أهلها الذين يمنون عليها أنهم تعبوا وضحوا من أجلها وخلصوها من الخواجة ، ولايرضون ان تبقى تسرح وتمرح دون زواج ، بينما البعض منهم للأسف كان ينظر اليها كراقصة فاتنة في ملهى ليلي ويحلم بان يقضي معها ليلة حمراء دون اي تفكير او اجتهاد  بما سيكون في الغد  .*
*فالشيخ أحمد  يقول انه هو وقبيلته من ضحى من اجلها وخلصها من ذلك الزوج وهو الاولى بها من غيره ، بينما القبيلي الرعوي قاسم يقول انه قدم اكثر التضحيات من قبيلته وقاتل في الجبال والوديان  وقدم القرابين  من اجلها وهو الاحق بها من غيره ، في حين يرى القبيلي البدوي حسان انه اولى بالزواج بها بعد ان قاتل في بطون الاودية والسهول وضحى بخيرة رجال قبيلته من اجلها ، وهناك من سكان مدينة زعفرانه ممن أصبحوا يشعرون أنهم أولى من غيرهم ومن القبائل والرعية فهم ايضا قدموا قرابين وقاموا بمظاهرات ضد الخواجة المغتصب.*
*اما البعض من سكان المدينة فقد فضلوا رفع شعارات لأول مرة اعتبرها الكثيرين غريبة وكأنهم لاينتمون الى اراضي زعفرانة الكبيرة، وبات البعض من السكان يرون انها تهدف الى زرع بذور الشقاق والخلاف ، والسعي الى فصل مدينة زعفرانة عن بيئتها ومحيطها الطبيعي والاستئثار بخدماتها ومزاياها الحضرية، ولصالح فئات وحافات وأحياء بعينها،وربما خدمة أجندات أخرى أكبر، وذلك من خلال تبني شعار (زعفرانة للزعافير)  ومنهم الشاب الزعفور ردمان الذي أفصح عن تلك الرغبة، والذي يرى انها تستحق زوجا اكثر أناقة واكثر تعليم من غيره ومثل هذا لايتوفر حينها الا فيه وبعض أقرانه من سكان المدينة مدعيا انه وإبنة حافته (سماهر) قادا التظاهرات في شوارع مدينة زعفرانه ووزعا المنشورات وتعرضا للسجن والضرب من قبل جنود الزوج المغتصب .*

*نفس الفكرة أيضا تطابقت مع رغبة مدير مخفر الشرطة الضابط عبدالنبي الذي يقول انه مع الكثير من جنوده اسهموا في تخليص زعفرانة من زوجها والذين باتوا يدعمونه في رغبته الزواج بها ويرون انهم الاكثر قدرة على حفظ أمن مدينتها و الأكثر تنظيما من غيرهم من القبائل والبدو والرعية الذين يجهلون فن التعامل مع هذه الجميلة الفاتنة وقصورها ومع الكثير من المتربصين بها من داخلها او من  اماكن بعيدة .*

*بينما المعلم علوان ومدير المدرسة عبدالرشيد يرى كلا منهما انه اولى بها كونهما ايضا لم يقصرا بالتضحية والعمل من اجلها وتعليم سكان مدينتها ومحاربة الجهل ونشر الوعي بين صفوفهم ، مدعين  انه لولا قدرتهما على إقناع زوجها بالحجة والمنطق ليتركها ماكان ليفعل مهما اضطر لمواصلة قتال خصومه الذين يغيرون منه  ، الى جانب انهما الأكثر قدرة والأكثر تعليماً من سواهما ، وليس من اللائق ان تتزوج بشخص جاهل او أمي غبي بعد ان كانت متزوجة من ذلك الخواجة الذي كان على قدر كبير من التعليم والتفوق والتحضر والثراء  ، والتي تعلمت منه الكثير مما لم تناله غيرها من قرينات زمنها الجميل في شبابها ومراحل امومتها وحياتها .*

*وفي مكان مهم وسط المدينة يسعى (خيران) الى الفوز بزعفرانة، فقد كان من الفرسان الذين خدموا مع السيد جون ، و على قدر من التأهيل والمعرفة والانضباط ، وكان يرى انه الأولى بالزواج منها كونه كان قريبا من قصورها وثكنات جنودها ، الإ انه يعتمد على السيد جون في مساعدته على ذلك، حتى يضمن له استمرار الولاء والطاعة، مثلما يجري مع بعض القبائل الاخرى البعيدة عن مدينة ومراعي زعفرانة.*

*وكذلك إمام الجامع الشيخ حسن كان ايضا يرغب في داخله الزواج بها ويرى في نفسه انه ساهم أكثر من غيره في تحريض وتشجيع الناس على مواجهة ذلك الزوج ومحاربة مخططاته ، ولكنه لم يكن يجهر برغبته الزواج بها، نظرا لأن دور المنبر في ذلك الحين يقتصر على أداء دوره الديني المتعارف عليه في تحقيز الناس على امور العبادة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكانت المنابر تقوم بدورها الطبيعي بعيدا عن السياسة، وتركز اكثر على حفظ الدين ومحاربة اساليب ومحاولات تنصير اهالي مدينة زعفرانه، نظرا لأن تطورات المدينة في عهد الخواجه جون، ادت الى رغبة الألاف من قوميات وطوائف و أمم وشعوب أخرى، في الانتقال اليها للعيش والاستقرار، منهم الجنود ومنهم التجار ومنهم العمال والموظفين ، وباتوا يشكلون عدة جاليات، والذين يعتنقون عدة أديان، الامر الذي إقتضى وجود أماكن لأداء صلواتهم وعباداتهم، مثل الكنائس التي أنشأها الخواجة جون ، والبَّيع التابعة لقبيلة(يهوه) والتي تعد من السكان القدامى  في المدينة،وكذلك الذين يعبدون النار(الزرادشت) كان لهم معبدهم ومكان التخلص من موتاهم (برج الصمت) ويقال انهم اول من جلب الغربان الى مدينة زعفرانه كي تساعدهم في اكل جثث موتاهم ، ولم تخلو المدينة ايضا من طوائف مذهبية اسلامية، مثل الشيعة الإسماعيلية (البهرة) الذين اشتهروا بالتجارة.*
*ورغم هذا التنوع الديني، فقد كانت المدينة تعيش اروع مراحل وقيم التآلف و التسامح ، وكان المنبر الذي يقف عليه الشيخ حسن، يمثل أرقى قيم الوسطية والاعتدال والتسامح، لأنه كان بعيدا عن السياسة، الى جانب ان المدينة كانت نقية نقاء الماء الزلال مما يسمى في أزمنة لاحقة (الاسلام السياسي) الذي نخر مختلف المجتمعات وأساء للقيم الدينية الاخلاقية السمحة كونه زرع التخلف والتعصب والغلو والتطرف والعنف والتكفير، ورغم وجود المساجد فقط الا انها باتت لاتتقبل بعضها وبات كل طرف يرى انه يمثل الدين ويكفر غيره.*
*ولهذا وفي ذلك الزمن لم يستطع امام الجامع ان يجهر برغبته الزواج بزعفرانه، نظرا لعدم وجود حزب سياسي ديني يسنده  ولعدم وجود كيان سياسي او فكرى او مذهبي او قوى اجتماعية و قبلية قوية أوغيرهم من  الأتباع الذين يمكن أن يساندونه في ذلك الحين ، إضافة الى أن منبر المسجد حينها لم يكن بذلك التأثير الذي يجعله شريكا في إدارة قصور ومتاجر واراضي زعفرانه.*

*ورغم تنافس واختلاف الجميع على الفوز بودها وخطبتها والتقرب منها ، الا انهم تقريبا اتفقوا على ان ميلادها الحقيقي بدأ في ذلك اليوم الذي خلصوها فيه من زوجها جون، ولكنهم دخلوا في متاهة جديدة صنعها بعض المتعلمين والمتنورين والعمال من سكان مدينة زعفرانه، وصار الناس يتداولونها في مجالسهم وهو انه لابد اولا من إثبات النسب الحقيقي لزعفرانه ، قبل ان تفكر في نكاح زوجا آخر من طابور المتقدمين لها،  بحجة انها كانت تجهل او تتجاهل  نسبها بدليل انها لا تعرف ان لها أختاً شقيقة، بينما آخرين قالوا ان نسبها واضح وفقط هي  لاتذكر  انها افترقت عن أختها تلك التي يقال انها أخت ولكن غير شقيقة  ، فهما أختين من أبوين مختلفين وأماً واحدة  ، بدليل انه رغم جمالهما الأخاذ الا ان لهما طباعاً وتصرفات مختلفة  كما ان مدينة زعفرانة  حينها حطمت من حولها الأسوار وتجاوزتها  وتوسعت كثيرا ، وصارت لديها عاداتها وتقاليدها واغرافها التي تنظم كل شيئ فيها ، وكل اراضيها وقصورها وشوارعها ومصانعها موثقة بإسمها ، ولايمكن لأحد مهما كان نفوذه ان يتجاوز شرعها و أعرافها وتقاليدها..وكانت  أجمل بكثير من مدينة خيزرانه التي توقف نموها في لحظة من عبق الوجود الزاهي وكأنها سجنت خلف أسوارها.*

*أما خيزرانة فقد كانت أيضا حريصة أشد الحرض أن تراقب وعن كثب كل مايجري  لزعفرانة ومدينتها المتطورة ، لدرجة أنها توصلت الى فكرة أن تنتدب لديها أحد عشاق واقارب زعفرانة  ليكون همزة وصل بينهما  ،  واستقر رأيها على إختيار أحد أهم الرجال الأوفياء في اراضي أختها المفترضة و الذي يدعى (شعبان ) ومن بني جنسها المخلصين الأوفياء  ويموت حبا وهياما في عشق زعفرانة ويسعى بإخلاص وشغف الى العمل من اجل سعادتها ، الى جانب انه كان من المتعلمين المتنورين القلائل المستوعبين لكل شيئ ، وفي مقدمة الذين حرضوا والهبوا حماس قبائل وسكان مدينة زعفران وماجاورها ، كما انه جمع الى جانبه عددا من أقرانه المتنورين الذين استطاعوا اقناع السيد جون  ان يطلق سيدتهم الجميلة والخروج من المدينة سلميا، دون إراقة المزيد من الدماء والمتاعب بل والزامه ببعض النفقة والمصاريف ، كأبسط الحقوق التي عليه تجاه زعفرانه ، كونها إعتادت ان تعيش حياة راقية.*                     

*.........................يتبع (المشهد الرابع)*

متعلقات