الرئيس علي ناصر محمد يكشف سبب رحيل الاستعمار البريطاني عن جزيرة بريم

الخميس - 02 يونيو 2022 - الساعة 03:43 م بتوقيت العاصمة عدن




مقتطفات بتصرف من:

                    ذاكرة وطن

              (علي ناصر محمد)

                        (3)

 (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية )
                (1967-- 1990)

 الطريق إلى باب المندب :

بعد صدور قرار تعييني محافظات لجزر أرخبيل سقطرى وكوريا موريا وميون وكمران كنت في طريقي إلى مدينة التواهي البحرية لابدأ رحلتي الى الجزر :

.. كان احتلال القوات البريطانية جزيرة بريم محسوبا بالعوامل الاستراتيجية ذات الصلة بخطوط المواصلات البحرية ، حيث اصبحت موقعا رادعا وضامنا ، ولكن بعد زوال خطر المدّ الفرنسي اولا وظروف الجفاف ونضوب المياه واشتداد الاعاصير اضطرت بريطانيا إلى الإنسحاب من الجزيرة دون أن تدع أيّاً من الدول المنافسة تستثمر الفراغ الذي تركته، بل احتلتها مجددا تحت هواجس الخوف من زميلاتها الكولونياليات الطامعة وذلك بعد 18 عاما من احتلالها عدن .

في هذه المرة طورت بريطانيا(وظيفة) الجزيرة ، فاتخذتها محطة لوقود الفحم الحجري ، ثم جعلت منها ميناء لسفنها بعد أن أقامت فيها (فناراً) للإرشاد الملاحي ، واقامت عليها بعد عام 1965م مطاراً عسكرياً ترابياً وذلك بعد قيام (اتحاد الجنوب العربي) والتلويح باعطاء الاستقلال للمنطقة ، وذهبت الإدارة البريطانية إلى أبعد من ذلك حيث اعفت المجلسين (التشريعي والتنفيذي)  في عدن من مسؤولية الإشراف على بريم وبقية الجزر ، رغم أن المجلسين المذكورين كانا تحت نفوذها المباشر ، ولاتخرج مواقفهما عن حدود احترام المصالح البريطانية الاستعمارية ، وقد ربطت إدارة الجزر والتصرف بشؤونها بإدارة الحاكم البريطاني العام في عدن .

كل هذا وسواه كنت على علم به من الناحية التاريخية ، ولكنني كنت أجهل كل شيء تقريبا عن الحياة على تلك الجزر التي أصبحتُ الآن محافظا لها ، وكنت أفكر في ذلك وأنا في طريقي إلى رئيس الجمهورية الذي أصدر القرار الجمهوري رقم 4 لعام 1967م بتعييني محافظا لهذه الجزر المترامية الأطراف .

عندما دخلتُ على الرئيس قحطان الشعبي في (دار الرئاسة) الذي كان قبل أيام مقراً للمندوب السامي البريطاني ، كان مُنتشياً بالنصر ، أبتسم وهو يستقبلني وسلّم عليّ بحرارة ودفء احسستُهما في عينيه ويديه ، وأخذ يهنئني بتعييني محافظاً للجزر ، أحسست بأنه لم يكن لديه وقت للحوار والتشاور فقد كانت تنتظره مهمات كثيرة صعبة ، وتركة شديدة من التخلف الممتد على رقعة واسعة من الأرض تبلغ مساحتها تقريبا (333) ألف كيلو متر مربع ، وفوق ذلك ، كان لايزال مشدودا إلى تقاليد حركة القوميين العرب والعمل السري للجبهة القومية :(نفذ ثم ناقش)، لكنه منحني جزءا من وقته الثمين حدثني خلاله عن الجزر واهميتها الاستراتيجية وعن مستقبلها ووضعني في صورة ما دار في مفاوضات جنيف مع الوفد البريطاني وطبيعة الخلاف الذي دار حولها،  كذلك شدد على أهمية بسط السيادة الوطنية على هذه الجزر ، لكنه كان مثلي لا يملك أي معلومات عن هذه الجزر أو وثائق أو كتب مما يمكن أن استعين به في مباشرة مهماتي الجديدة. 
 

نسخة مع التحية للاخ :
د. رشاد العليمي (رئيس المجلس القيادي )

 
         من/  عبدالكريم سالم السعدي
                 2 يونيو 2022م

متعلقات