الخميس-10 أكتوبر - 11:23 ص-مدينة عدن

المُعلَنُ والخَفِيُّ في خطاب خامنئيّ

الخميس - 10 أكتوبر 2024 - الساعة 07:34 ص بتوقيت العاصمة عدن

ايران " عدن سيتي "محمد المعزوز : متابعات












يتحدّد خطاب المرشد الإيراني علي خامنئي، في سياق سياسي معقّد تختلط فيه من جهة تناقضات شتّى في مواقفه التّاريخية وبطء تفاعله مع الأحداث التي تضرّر منها محور المقاومة؛ ومن جهة أخرى سعيه إلى تدارك الضّرر الذي لحق بصورته عبر قصفه لإسرائيل.
بالعودة إلى خطابه، نلحظ أنّ هناك إشارة إلى ما يشبه الإعلان عن مراجعة استراتيجية لحسابات إيران في تعاملها مع العرب؛ تتمثّل في الدّعوة إلى رصّ صّفوف العرب والمسلمين أمام عدوّ خبيث يستهدف كيانهم. هذه الإشارة التّي تبدو متناقضة مع حقائق سعي إيران طوال أربعة عقود إلى اصطناع الفتن في الدّول العربية الإسلامية، تُعلن مباشرة عن نيّتها في تغيير استراتيجي في هذه العلاقة لا يضمن تمتين الصّلة بين أذرعها السّابقة فقط، وإنّما يدعو، أيضًا، إلى الانفتاح على خصومها التقليديين من العرب والمسلمين في المنطقة، باعتبار أنّ الأجندة التّقليدية للكيان في الهيمنة على الشرق الأوسط بدأت تأخذ طريق تحقّقها برعاية أمريكية مُعلنة.


ما كانت تعتقده طهران حصانة لها كان وَهْمًا نتيجةً للاختراقات الكبرى التي شملتها وعصفت بقادة أذرعها
وإذا كانت هذه الدّعوة قد جاءت يوم الجمعة وباللّغة العربية الفصحى، تأبينًا لحسن نصر الله، في خطوة نادرة الحدوث، فإنّ دلالتها لا تعني ضمانًا للتواصل اللّغوي مع العرب فقط، وإنّما لهدف أعمق يكمن في استدرار المكنون الرّوحي الذي تحمله لغة القرآن، وهو استدرار يروم حشد العواطف والحثّ على المقاومة الشّاملة.. بمعنى آخر، حاول خطاب خامنئي أن يُفهمنا بأنّ إيران اليوم قد تجاوزت تلك الرّؤية الإيديولوجية والسياسية القائمة على التعصّب إلى العرقية الفارسية إلى رؤية أكثر توسّعًا وشمولًا يكون فيها المكوّن العربي الإسلامي طرفًا أساسًا وليس عدوًّا أو مجرّد أداة لخدمة مصالحها في المنطقة.
لم تأتِ هذه الرّؤية المختلفة التّي عبّر عنها خامنئي إلا بعد أن تأكّد لطهران أن ما كانت تعتقده حصانة لها كان وَهْمًا نتيجةً للاختراقات الكبرى التي شملتها وعصفت بقادة أذرعها. ومن ثمّة، فإنّها لا تعرف مصير نتائج هجومها الأخير على إسرائيل بصواريخها البالستية الذي قد يكلّفها كثيرًا من الخسائر المادية والمعنوية واحتمال انهيار مشاريعها بالكامل. لذلك، وسعيًا نحو التعبئة لإلهاب المشاعر والرّهان على كسب قاعدة عربية إسلامية قد تكون من بين أوراق الضّغط في تفاوضها مع أمريكا، ركّز الخطاب على مركزيّة القضية الفلسطينية وجاهزية إيران لنصرتها المطلقة لها.

يريد خامنئي أن يدعم نفسية محور المقاومة ويبقى هَمّه البحث عن مخرج دبلوماسي
يريد خامنئي من خطابه أوّلًا، الذي كان باللغة العربية المفهومة، أن يُوَطّد علاقاته مع مكوّنات محور المقاومة وأن يدعم نفسية هذا المحور التّي لحقها التضرّر بعد مقتل هنيّة ونصر الله وحدوث الاختراقات. ثانيًا، تغيير الصورة التّي تكوّنت عنه لدى قاعدة واسعة من جمهور العرب المسلمين، اتّهمته عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالتقاعس والخيانة. لذلك حاول أن يربط سيكولوجيًا وسياسيًا بين حدث قصف إسرائيل واقتراب الذّكرى الأولى لعملية "طوفان الأقصى" وحرب الإسناد التي أطلقها "حزب الله"، من جهة. ومن جهة أخرى، اعتماده على لغة متشدّدة وهو يخاطب إسرائيل وأمريكا بأنّ "العامل الأساس للحروب وانعدام الأمن والتخلّف في هذه المنطقة، هو وجود الكيان الصهيوني وحضور الدّول التي تسعى إلى إحلال الأمن والسّلام بالمنطقة".


في هذا كلّه، يبقى هَمّ خامنئي البحث عن مخرج دبلوماسي أمام غياب أيّ مبادرة منصفة في هذا الاتّجاه على جدول أعمال المجتمع الدّولي.





"عروبة 22"

متعلقات