الفنان الكبير/ فيصل علوي..
يابيعة الرخص من بعد الغلاء والزبون ..؟!
الإثنين - 16 سبتمبر 2024 - الساعة 01:35 ص بتوقيت العاصمة عدن
عدن " عدن سيتي " الباحث والناقد الفني/#عصام_خليدي .. it
يجيد البعض في هذا الزمان المـقفر والـــردئ ويتـــفنن في طــرائـــق وأسالـــيــب (إستثمار) عذاباتنا والامنا وجراحاتنا المتخمة والمشبعة بالقهر والتعسف والاضطهاد فيتحول وينسلخ من ( أدميته ) إلى عالم وشريعة الغاب ليحيا على إقتناص وإصطياد ( نقاط الضعف ) التي وجدت منذ الخليقة بشكل ( فيزيائي وسيكولوجي) في طبيعة ومكونات النفس البشرية ووضعها الخالق سبحانه وتعالى بصورة إستثنائية حميمة موصولة ووثيقة بالمشاعر والأحاسيس والأفئدة والقلوب، تتجلى قدرة الجلالة الربانية في أعظم كائنات كوكب الأرض ( الإنسان ) ، أنه بفعله وصنيعه يبني ويشيد ويعمر الحياة فيجعلها فردوساً وجناتاً ونعيماً أو سعيراً وناراً وظلمات .
جاءت هذه المقدمة إنعكاساً للواقع السياسي /الإقتصادي / الإجتماعي / الثقافي / الحياتي.. الذي نعيشه في وقتنا الراهن فما يحدث في هذا الوطــن على إتساع رقعته الجغرافية بالــقطع من فعل وصـــنيع ( الإنسان ) ، وبطبيعة الحال لا يخلو المرء من التأثر بما حوله من أحداث جسام سياسية وحروب مدمرة شهدناها جميعاً في خضم ومعترك الفترة الزمنية المنصرمة، فرضت نفسها على أسلوب ونهج الخطاب الثقافي والرسالة الفنية والأدبية والإبداعية بشكل مباشر فاعل قوي ومـــؤثر، تنتصب أمام أعيننا العديد من القضايا والمهام والمسئوليات الأخلاقية والسلوكية والإنسانية ومايوازيها من المتناقضات والمفارقات الرهيبة العجيبة نسمع ونشاهد أخطاءً فادحةً أرتكبت بحقنا وبحق أهالينا وأقاربنا وزملائنا في المهنة والإهتمامات والسلوكيات والقناعات والمزاج والذوق العام ُتشغلنا وتبعدنا بل تلهينا أمور الحياة عن متابعتها ومـناصرتها وفجاءة نتذكرها ونجدها نصب أعـيننا (ُتـورقـنـا) فلا نقوى ولانملك إلا مواجهتها رغم متطلبات وأعباء والتزامات الواقع المعيشية المرهقة المكلفة الباهظة .
مادفعني للحديث عن ذلك قضية هامة من وجهة نظري تتعلق بواحدٍ من الفنانين الكبار الفنان أرتبطت أغانيه بتراث لحج الخضيرة والإبداع أنه المجدد والمطور فيصل علوي حقيقة أستغرب في ظل هذا ( الصمت المدوي ) بأي منطق وتحت أية حجة ومصوغاً قانونياً تم بيع وشراء وإحتكار كافة الحقوق المادية والأدبية والمعنوية المتمثلة بالتجربة الإبداعية الخاصة والعامة التي إرتبطت فنياً مع فقيد الغناء اليمني الفنان فيصل علوي تلك التجربة الفنية والإنسانية التي أسعدتنا وأشاعت البهجة والمحبة والسـعادة والفـرح في نـفوسنا وأرواحـنا وقلوبـنا ( لتتم البيعة والصفقة ) لصالح إحدى شــركات إنتـــاج الأغـــنية اليمـــنية بصــورة فـــجة ظــالمة قـــاسية مـــقابل حـــفنة ريـــالات لاتستــحق الإشــارة ولاتســاوي قيــمة شريــط كــاسيت واحـــد فـــقط، (بعـقـد منهوب مسلوب القرار والإرادة ينص على الإحتكار الفني المؤبد مدى الحياة) ومدوناً ومكتوباً إسم الشركة الفنية المنتجة المحتكرة على أشرطة الكاسيت المباعة المنتشرة في سوق الأغنية في اليمن، ولم يكتفي الطرف المستفيد صاحب شركة الإنتاج بما وصل إليه من ( ثروة وفوائد ومكاسب مالية كبيرة غير مسبوقة) تحـصل علــيها مـن ( بن علوي ) رحمه الله تحت ضغوطات مالية ملحة وشدة وطأة الحالة المرضية الصحية والظروف الصعبة والمعاناة النفسية والمادية والمعنوية القاهرة التي تعرض لها بسبب الإهمال والتغييب والتهميش والجحود والنكران من الجهات المختصة والرسمية في السنوات الأخيرة من حياته.
وكما أسلفنا لم يكتفي صاحبنا ( الصياد الماهر الشاطر ) بذلك الأمر الأناني والتجاري غير العادل على الإطلاق بل أخـذ الفنان فيصل علوي في ( لحظة غفلة وغفوة ) بتاريــخه الفـني الثـري الزاخـر بالعـطاء الـنوعي المـتميز والمـتفرد ( مقاطعة - مقاولة - وبالجملة ) بصورة كاملة من كل النواحي ، وهنا تكمن ( الكارثة الكبرى ) في سلب ونهب وإهدار الاستحقاقات المالية والأدبية والفكرية والمعنوية للشعراء والملحنين الذي تعاطى معهم فنياً بمختلف المدارس الرائدة العملاقة والشامخة الفذة ( في تاريخ الغناء اللحجي القديم والحديث المعاصر) التي أرتبطت بالفنان فيصل علوي إبداعياً على إمتداد تجربته الغنائية والموسيقية الباذخة المضيئة والمتوهجة كالأساتذة العظماء : باعث النهضة الثقافية والفنية اللحجية وقاموسها البلاغي الغني المترف بالمفردات والألفاظ الشعبية الأصيلة وموثق وقائعها وأحداثها وخارطتها الجغرافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية .. الأمير أحمد فضل القمندان / العلامة والشاعر الثائر والمتصوف عبدالله هادي سبيت / الفيلسوف الأديب المناضل وصاحب الإستعارات المجازية اللغوية والصـور الشـعرية الأخـاذة صالح فقيه / المجددين والمطورين في بناءات وتراكيب الجمل والقوالب الغنائية والموسيقية اللحجية فضل محمد اللحجي / محمد سعدصنعاني/ صلاح ناصر كرد / وسعودي أحمد صالح والقائمة تطول بالأسماء البارزة والقامات الهامة .. صالح نصيب / أحمد عباد الحسيني / عبدالله سالم باجهل / مسرور مبروك / أحمد سالم أمهيد / عبده عبد الكريم / أحمد صالح عيسى / محمد العراشة / الأمير محسن بن مهدي / مهدي حمدون / صالح حمدون / أحمد سيف تابث / سالم علي حــجيري / صالح اللبن / عوض كريشه / عبدالحليم عامر/ عبده علي ياقوت / محمود السلامي / أحمد علي النصري ،وآخرين من الأموات والأحياء الذين لازالوا يعانون بل إكتوت صدورهم وقلوبهم بنيران الإستغلال والجشع والإحتيال المسنودة المدعومة بقوة وجبروت العلاقات السلطوية الفاسدة في اليمن التي أباحت وشرعنت إهدار حقوق الملكية الفكرية والمادية والأدبية للمثقفين والفنانين والمبدعين ( بسيناريو ُخـطـط ونفذ بإحكام القبضة على مصادر رزقهم ولقمة عيشهم وضياع وتشتيت مستقبلهم ) ذلك لغرض إذلالهم وتركيعهم وتكميم أفواههم عن ( قول كلمة حق في أوجه الفساد القائم ) وموتهم مع سبق الإصرار والترصد عشرات بل و مئات ( الميتات )، وبطبيعة الحال هناك (إستثناءات لأبواق السلطة) ممن يجيدون تغيير ضمائرهم وجلودهم ووجوههم ( تجار الكلمة والنغمة حسب الطلبات والأوامر) ، تصوروا حتى كتابة هذه السطور ذلك يحدث ويتم نهاراً جهاراً بلا حسيب أو رقيب أو صحوة ضمير..؟!!
ماذا يمكن أن أضيف في زمن غابت به وإنعدمت (رأس الحكمة) والعقل والضمير والأخلاق والقيم والمبادئ وصار من أبرز خصائصه وسماته وملامحه العنف والقوة والسقوط في مجاهل ظلمات التعصب والتطرف وإنكار الأخر وعدم الثقة والمصداقية والشفافية مقومات ومعطيات ومكونات (الأزمة الأخلاقية الحقيقية) التي نعاني من تبعاتها وويلاتها المدمرة القاتلة في عموم الوطن، زمن أرى فيه ( الفساد ) أصبح ( طوفان) وعلينا ( ضرورة إعادة بناء وترميم الإنسان من الداخل ) نفسياً وأخلاقياً ودينياً وتربوياً وذلك في (إتباع نظرية أنسنة الإنسان) .
رحم الله فقيدنا وفناننا الكبير فيصل علوي الخالد بفنه وعطائه وخدمته للوطن المتواضع في سلوكه وأخلاقياته الأصيلة ..
أنني بالأصالة عن الطيبين والغيورين من أبناء (لحج) الفن والجمال – العلم والثقافة – الخضيرة والإبداع ..
(أحــذر) من العبث والفوضى والتصرفات العشوائية بتراث وفلكلور وفنون وموروث لحج الغنائي الإبداعي والإنساني الثقافي الأدبي السياسي والـفني الهائل والضخم (تـحت أيـة مسميات وعقود وصكوك) مهما بلغت قيمتها المادية فهي غير قانونية وباطلة بالشكل والمضمون، فلا يستطيع أحداً في الكون (الإتجار والتكسب) بثروات وتاريخ وأصالة وحضارة (دلتا وادي تبن الهوية والكيان والوجدان والذاكرة الحية النابضة) بسكانها الحقيقيين الأوفياء الذين أقاموا وعاشوا فيها وتنامت جذورهم عالية باسقة شاهقة في جنباتها منذ الأزل وبداية الخليقة وشيدوا عليها أعظم الإنجازات والأمجاد سطروها ودونوها ووشموها في أروع وأنصع وأبهى صفحات الدهر والزمان نبراساً مضيئاً للأجيال المتعاقبة تضمنت في محتواها خلاصة التجارب والعبر والدروس الإبداعية والإنسانية .
نهاية المطاف :
أنــاشـد دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد عوض بن مبارك على ضرورة وأهمية العودة إلى قانون حماية حقوق الملكية المادية والفكرية والأدبية والمعنوية ( وحق الأداء العلني ) وإيجاد آلية تفعيل و تنفيذ نصوصها وبنودها القانونية وذلك من خـلال بناء وإستـحداث وتأسيس ( جهاز الشرطة القضائية ) المعنية والمخـتصة بشــؤون وقضــايا الفن والــثقافة والإبـداع ،
ولايسعني في هذه التناولة التي من خلالها حاولت محاكاة وملامسة تفاصيل حياتنا وما وصلنا إليه من شتات ووهن وتخبط إلا التذكير بما قاله الفيلسوف والأديب والشاعر المناضل صالح فقيه في إحدى قصائده الغنائية (الرمزية الثائرة) على الأوضاع المتسلطة والمستبدة القمعية حينها وتجسدت في أغنية (الدهر كله عماره متى يكون السكون) التي أرتفع بها صوته هادراً إلى عنان السماء (كرمزاً وطنياً) أرتبطت أشعاره ارتباطاً وثيقاً بالدعوة إلى الإصلاح والتغيير والتحرر من قيود التخلف والأمية والخوف والفقر والعبودية والإضطهاد ، فأبدع في صياغة لحنها متعدد الملكات والقدرات الأمير عبده عبد الكريم ووضع المقدمة الموسيقية (المستقلة) المطرزة بالنغمات العذبة الصافية الآسرة الفنان الكبير محمد سعد صنعاني، وشذا بها وغناها فناننا المتألق (عندليب وادي تبن) عبد الكريم توفيق في بداياته الفنية الأولى أطال الله في عمره ومتعه بالصحة وتاج العافية ..
أقــدم في مــسك الــختام أبيــات القصيدة الــغنائية
الشهـــيرة :
( الدهر كله عماره متى يكون السكون ) التي تتطابق في مضامينها ومعانيها ودلالاتها الشعرية إلى درجة التشابه والتماس مع واقعنا وحاضـرنا الراهن .
الدهر كله عماره متى يكون السكون ..؟!
يا ضارب الرمل قالوا الرمل تحته عيون/ بالكنز مـدفـون والتنجيم حقـــك جنون/ إن كان ذا صدق جاك المال فوق البنون/ إفرح وغني وذيــع العــلم بالميكرفــون/ يا مالك الملك لك في بعض خلقك شـئون/ تعطي وتمنع وأمــرك بين كــاف ونـون/ والمجتمع بعضهم خايف وبعضهم أمون/ وحــد جـدادي ولايســأل ولا يحزنــون/ وأنت على كيف ساكت يا جلـيل الـقرون/ والمدعي جاء يطالب بك وساهن سهــون/ أحسم أمورك على أرضك وحافظ وصون/ من قبل تدفع على النعجه وبنت اللــبون/ أنظر ترى كم مشرد غير ذي في السجون/ وبعضهم نـال مانالت مـديــنة لــيون/ وبايـجي الدور دورك يوم هز الذقــون/ يا بيعة الرخص من بعد الغـلاء والزبـون/ يتفاوضوا في شؤونك وأنت خالي الشجون/ والشور شورك بغيرك كل شي مايـــكون/ وأنته لك الحق تمنع كل من بايخـــون/ توقفه يوم خابت فــيه كـل الضـــنون/ والذنـب ذنب الذي خلاك دايــم تهـون/ خلاك خاضع لأهل البيع وأهل الرهـــون/ لاعبــد هذا ولاعــندك لــهذا ديـون/ لكنه الجهل ذي خلاك في الــــناس دون/ وأصبحت خائف ولاتعرف بأرضك سكون / وأن جيت تشكي يقولوا الجدر فــاعل أذون/ قم كسر الجدر وأعمر حيث ساسه حصون/ وصحح الوضع ذي للشرط ذي فيه يــهون .