قبل أن يهزمه عسكرياً.. هكذا هزم الشرع الأسد سياسياً أيضاً

الخميس - 30 يناير 2025 - الساعة 07:00 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن سيتي / متابعات




مع الاجتماع المطول الذي عقدته الإدارة السورية الجديدة، مع ممثلي الحكومة الروسية، في دمشق، أمس الثلاثاء، والموضوعات التي تطرقت إليها المباحثات، كتسليم الروس لبشار الأسد وقضية التعويضات عن تدخلهم العسكري لإنقاذه من السقوط، يعود إلى الأذهان، التصريحات الأولى التي أدلى بها أحمد الشرع قائد الإدارة السورية الجديدة، بعد التدخل العسكري الروسي لإنقاذ الأسد، في العام 2015.


وأعلن عن التدخل العسكري الروسي، لصالح نظام الأسد، في الثلاثين من شهر سبتمبر/أيلول في العام 2015. وبحسب مراقبين ووسائل إعلام في تلك المرحلة، فإن هذا التدخل العسكري، أنقذ بشار الأسد من "سقوط وشيك".

ويشار إلى أن قضية سقوط النظام الوشيك، تعود إلى ما قبل العام 2015 الذي تدخلت فيه روسيا عسكريا.

سقوط الأسد في العام 2013
وبحسب صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، في عددها الصادر بتاريخ 22 شباط/ فبراير 2021 فإن موسكو كشفت عن "استغاثة" كان أرسلها النظام السوري لحلفائه الروس في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2013 يعلمهم فيها، بإمكانية سقوط البلاد بيد معارضيه، وأن هناك انهياراً محتملاً ومفاجئاً قد يصيب قواته، خلال "أيام معدودة" كما نقلت الصحيفة.


ومن الجدير بالذكر، أن التدخل العسكري الروسي لصالح الأسد، لم يتم إلا مع خريف عام 2015، ويعزى سبب تأخر الروس لمدة سنتين، عن إنقاذ الأسد بعد "استغاثته" التي أطلقها أواخر عام 2013، كما ورد في تقرير "الشرق الأوسط" السابق، إلى حاجة الروس "لعمل واسع لإدارة التنسيق مع القوى الموجودة على الأرض" من خلال تأمين "قنوات اتصال مع الطرفين التركي والإيراني" وكذلك عبر فتح "آلية تنسيق مع الأميركيين لتجنب الاحتكاكات على الأرض" ثم انتظار "طلب رسمي من دمشق حتى يكون التدخل العسكري المباشر منسجماً مع القوانين الدولية" كما نقلت الصحيفة.


الشرع يكشف حقيقة تدخل روسيا في سوريا
وعلى الرغم من قوة الزخم الروسي العسكري المصاحب لعملية إنقاذ الأسد، في عام 2015، لفت موقف أحمد الشرع، القائد الحالي لقوات الإدارة السورية الجديدة، من هذا التدخل. فألقى كلمة، أوضح فيها الإطار الدولي لدخول الروس عسكريا إلى سوريا، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أهداف لهذا التدخل، قال إنه لم يتم الكشف عنها.


وفيما كان رئيس النظام السوري، يصف تدخل الروس العسكري لحمايته، بأنه إسهام من حليفه الأبرز بالحرب "على تنظيم داعش الإرهابي" كشف أحمد الشرع في كلمته التي يعود تاريخها إلى منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر 2015، أي بعد أسبوعين من التدخل العسكري الروسي لصالح الأسد، حقيقة الصراع الدائر على الأرض بين جيش الأسد و"داعش".


وكشف أحمد الشرع، بأن "الغزو الروسي" جاء ليعلن للملأ أنه أتى لينقذ بشار من سقوطه، متخذا حجة قتال تنظيم داعش"عنواناً للوصول إلى مآربه".


عيون الروس على أوكرانيا لا سوريا
واتهم الشرع في كلمته، الجانب الروسي، بأنه "يعلم" بأن تنظيم داعش "لا يهدد وجود النظام" وأن الجيش الروسي، قصف فقط، فصائل المعارضة السورية التي هي على "تماس مع عمق النظام".


أمّا الوعي السياسي الذي فهم به أحمد الشرع تدخل روسيا لإنقاذ الأسد، فأجمله قائد الإدارة السورية، بأنه يعكس رغبة الروس لإيجاد ملف ضاغط على المجتمع الأوروبي "لعله يقايض به على الملف الأوكراني" وأن الروس لم يجدوا "أفضل من الورقة السورية، يضغطون بها على الغرب، لإيجاد حل للقضية الأوكرانية يصب في مصلحتهم".


استعادة دور مفقود لموسكو لا قتال "داعش"
في المقابل، كشف الشرع في كلمته، عن وجه آخر للتدخل العسكري الروسي لإنقاذ الأسد، فإضافة إلى "المقايضة" به في الملف الأوكراني، كما قال، فهناك سبب آخر يتمثل برغبة الروس "الجامحة" لاستعادة "دور بارز لهم على الساحة الدولية، بعد فقدانهم لهذا الدور لأكثر من ثلاثين عاماً" على حد قوله.


وفي الوقت الذي كان أنصار الأسد، يطلقون لقلب "أبو علي بوتين" على الرئيس الروسي احتفالاً بتدخله العسكري لصالح رئيس النظام، كان أحمد الشرع يكشف في كلمته بأن ملامح سقوط النظام "تلوح في الأفق" وأن جيش الأسد أصبح مجرد "ميليشيات" "تشبه" الميليشيات التي استعان بها، واصفاً "الدور الوحيد" لجيش الأسد، هو "تلقي الهزيمة" وحسب.


توقُّع "الرمق الأخير" للأسد
وبخصوص الميلشيات الإيرانية التي استعان بها نظام الأسد، فقد فهِم الشرع من تدخل الروس لحماية الأسد، بأنه "إعلانٌ لفشل التدخل الإيراني وحلفائهم من حزب الله وغيرهم" معتبراً فيما يشبه "النبوءة السياسية" كما قال مراقبون، أن هذا التدخل "إعلانٌ لانهيار النظام، ووصوله لآخر رمق في حياته".


وفيما كان "آخر رمق في حياة النظام" هو في الثامن من شهر كانون الأول/ ديسمبر الفائت، بفرار رئيس النظام السوري إلى روسيا، بعد تقدم جحافل قوات المعارضة على مختلف المناطق التي كانت تحت سيطرته، كان أحمد الشرع قد شكك بقيمة تدخل روسيا لإنقاذه في كلمته: "هل تعتقد الحكومة الروسية أن جيش النظام وبشار الأسد، سيتم إنقاذهم، ببعض الطائرات والمدافع؟".


اعتراف روسي يتطابق مع الشرع لا مع الأسد!
ولفت في هذا السياق، أن وصف أحمد الشرع للتدخل الروسي لصالح الأسد، قد تطابق مع إعلان الروس أنفسهم، في الوقت الذي كان يروج فيه رئيس النظام "لدور روسي فاعل في السياسة الدولية لمكافحة الإرهاب ولدعم الدولة السورية الشرعية وإنهاء مبدأ القطب الواحد".

ونقلت الأنباء، وبتاريخ 17 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2015، أي بعد كلمة أحمدالشرع، بأربعة أيام، تصريحا لرئيس الوزراء الروسي، ديمتري مدفيديف، قال فيه إن بلاده تقاتل من أجل مصالحها القومية وليس من أجل بشار الأسد.


تصديقا لما قاله الشرع.. روسيا تعلن عن جانب سرّي
وصرح مدفيديف في مقابلة على التلفزيون الرسمي "بالطبع نحن لا نقاتل من أجل قادة معينين، نحن ندافع عن مصالحنا القومية"
وكما شكك أحمد الشرع بأهداف التدخل العسكري الروسي لحماية الأسد، قائلا إن لهذا التدخل أهدافاً لم يتم الكشف عنها" تصدَّر وسائل الإعلام العالمية خبرٌ روسي، يتحدث عن بند وصف بالسري أو المخفي، باتفاقيات الأسد الموقعة مع الروس، يمنح الطائرات العسكرية الروسية، مدة مفتوحة للبقاء في سوريا.


وكانت وكالة "تاس" الروسية، قد قالت إن هذا البند المخفي في الاتفاق مابين روسيا والنظام السوري، كان تم الاتفاق عليه في شهر أغسطس من عام 2016 أي بعد عام من تصريح الشرع، بأن للتدخل الروسي أهدافا لم يتم الكشف عنها.

متعلقات