صمت التلفزيون الإيراني عن مراسم تنصيب ترامب وسط ترقب طهران

الثلاثاء - 21 يناير 2025 - الساعة 02:00 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن سيتي _متابعات



لم يتمكن الإيرانيون داخل البلاد من مشاهدة مراسم تنصيب دونالد ترامب على شاشات التلفزيون الإيراني، حيث لم يتم حتى الإشارة في عناوين الأخبار إلى الحدث الأول في العالم برمته.
ومع ذلك، كان الوضع مختلفاً تماماً على تلغرام الذي يشترك فيه عشرات الملايين من الإيرانيين والذي يعد التطبيق الأكثر شعبية في إيران، حيث نشرت حتى الوكالات الإيرانية الأكثر تشدداً، والمعارضة بشدة لترامب، أجزاءً من مراسم التنصيب.
هذه الوكالات بالتأكيد لا تحب ترامب، فهو المسؤول عن إصدار الأمر بقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي يُعتبر لديهم "مهندس محور المقاومة"، كما أنه فرض عقوبات قاسية على إيران لا تزال سارية المفعول، لكنهم لا يستطيعون الإنكار أن إدارته خلال السنوات الأربع القادمة سيكون لها تأثير عميق على إيران بشتى الطرق ومختلف الأسباب.
لهجة الخارجية الإيرانية المرنة تجاه "قاتل" سليماني
صباح الاثنين لجأ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إلى لهجة دبلوماسية ناعمة، معبّراً عن أمله في أن تتبنى إدارة ترامب الجديدة سياسات "واقعية ومستندة إلى القانون الدولي" تجاه إيران.
وفي المقابل، وجه بقائي انتقادات حادة لإدارة بايدن وقال: "نأمل أنه بعد أربع سنوات، لا يكون الحكم على (الإدارة الجديدة) كالحكم على (الإدارة) خلال السنوات الأربع التي مضيت".
وهذه المجاملة الدبلوماسية تأتي بالرغم من أن ترامب هو الذي انسحب في عام 2018، في أثناء ولايته الأولى، من الاتفاق النووي، وردت إيران بتخفيض تدريجي لالتزاماتها في الاتفاق، بما في ذلك زيادة كمية ونسبة تخصيب اليورانيوم، وقد أدى ذلك في العام الماضي إلى إصدار قرارين من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران.
ويأتي تفاؤل طهران حيال "سلوك مختلف" من قبل إدارة ترامب الجديدة في وقت ذكرت فيه وكالة بلومبرغ الأسبوع الماضي أن ترامب يعتزم إعادة تبني سياسة "الضغط الأقصى" على إيران.
وفي ولايته الأولى، وبعد الانسحاب من الاتفاق النووي، اعتمد ترامب سياسة الضغط الأقصى لإجبار إيران على وقف برامجها النووية والصاروخية، بالإضافة إلى تقليص نشاطها الإقليمي، وهذه السياسة أثرت بشدة على عائدات النفط الإيرانية وأزمت الاقتصاد الإيراني بشكل غير مسبوق.
تغيرات كبيرة عالمية وإقليمية مع بدء ولاية ترامب الثانية
مع بدء ولاية ترامب الثانية، يواجه العالم والمنطقة وإيران تغيرات جذرية في الوضع الداخلي والدولي والإقليمي مما يضع كل من الولايات المتحدة وإيران أمام تحديات جديدة ستؤثر على مسار علاقاتهما المستقبلية.
عندما وصل دونالد ترامب إلى واشنطن لحضور مراسم تنصيبه الأول في يناير 2017، كان شخصية غامضة إلى حد كبير بالنسبة لمعظم سكان العالم وحتى الولايات المتحدة، حيث لم يكن معروفاً سوى بصفته رجل أعمال ناجحاً ومليارديراً فائزاً في الانتخابات دون أي خبرة سابقة في المناصب الحكومية أو العسكرية.
لكن هذه المرة، يعود ترامب إلى البيت الأبيض في ظروف مختلفة تماماً، فقد أصبح الآن يُعتبر سياسياً متمرساً، بفضل تجربته السابقة خلال السنوات الأربع التي شغل فيها منصب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة.
ومن الملفات التي سيخوض ترامب تفاصيلها هو الملف الإيراني دون شك وذلك في ظل فقدان إيران أوراق الضغط الإقليمية التي كانت بحوزتها، مع تعرّض حزب الله لضربات قاسية، وسقوط نظام الأسد، بينما انكفأت الفصائل العراقية الموالية لطهران على نفسها، ويواجه الحوثيون تحديات مصيرية.
عودة إلى خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية السابقة أمام جو بايدن، ونعيد إلى الأذهان تصريحات المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، الذي قال آنذاك إن "قاتلي قاسم سليماني" قد "انتهوا إلى مزبلة التاريخ"، ولكن يعود ترامب إلى السلطة مرة أخرى في وقت يُجمع فيه العالم على تفاقم أزمات الاقتصاد الإيراني نتيجة للعقوبات الأميركية التي فرضها ترامب.
السيناتور غراهام يدعو ترامب لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية
رغم أن معظم أعضاء إدارة ترامب يعارضون إيران بشدة، إلا أن تحديد السياسة التي سيتبعها ترامب تجاه طهران يبقى أمراً صعب التنبؤ به.
ومن المعارضين لإيران بشدة السيناتور ليندسي غراهام، الحليف الجمهوري لدونالد ترامب، حيث دعا الرئيس الأميركي الجديد إلى مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وذلك عقب تنفيذ وقف إطلاق النار الذي سيستمر ستة أسابيع في قطاع غزة.

إلى ذلك قال غراهام يوم الأحد في مقابلة مع شبكة CBS الإخبارية: "احتمالية القضاء على البرنامج النووي الإيراني عبر الوسائل الدبلوماسية تساوي واحداً في التريليون، لكن احتمالية تدميره عبر عمل عسكري إسرائيلي مدعوم أميركياً تصل إلى 90%".
وعد غراهام بتقديم مشورته لترامب لاستغلال الوضع الحالي من أجل "تدمير البرنامج النووي الإيراني"، لأن على حد قوله "النظام الإيراني هشّ للغاية".
العالم يترقب ما يقوم به ترامب
عقب فوز دونالد ترامب، بدا وكأن كل شيء في مختلف أرجاء العالم يترقب يوم العشرين من يناير، فهل سيواصل الرئيس الذي شغل البيت الأبيض لفترة أربع سنوات سابقاً، والذي يعود الآن إلى مكتبه السابق، السياسات نفسها أم سيتبنى نهجاً جديداً في الحكم وخاصة تجاه إيران؟
فترة رئاسة ترامب السابقة تميزت بسياسة "الضغط الأقصى" على إيران وهذه السياسة مارست ضغطاً مكثفاً في جميع المجالات: من خلال عقوبات اقتصادية شاملة بفرض مئات العقوبات، وانتقاد حاد لوضع حقوق الإنسان في إيران، فضلاً عن خطوات تصعيدية مثل مقتل قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
العالم في عام 2025
يعيش العالم اليوم، وخاصة منطقة الشرق الأوسط، واقعاً مختلفاً تماماً عن ذلك الذي كان سائداً في عام 2016، هذا الواقع الجديد هو الذي سيلعب دوراً مهماً في صياغة توجهات وقرارات دونالد ترامب.
التكهنات حول ما ستفعله إدارة ترامب الجديدة تجاه إيران لا تزال تتأرجح بين وجهتي نظر، فمن جهة، هناك توقعات بأن الإدارة الجديدة ستعيد تطبيق سياسة الضغط الأقصى على طهران، وقد تم نشر تقارير حول مناقشات تتعلق بهذا الصدد، ومن جهة أخرى، ومع الإشارات القادمة من طهران، وخاصة على لسان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بخصوص إمكانية التفاوض مع إدارة ترامب، السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو ما إذا كانت الدبلوماسية ستكون المسار الذي سيتم اتباعه هذه المرة أم المسار العسكري الذي دعا إليه ليندسي غراهام، وطهران تترقب رغم صمتها الإعلامي بشأن مراسم تنصيب ترامب.

متعلقات